المحبة كما قال ابن القيم: “المحبة لا تُحَدُّ -أي لا يذكر لها تعريف- إذ هي أمر ينبعث بنفس يصعب التعبير عنه”. قال النووي رحمه الله في كلمة جميلة: وهذه المعاني كلها موجودة في النبي صلى الله عليه وسلم لما جمع من جمال الظاهر والباطن، وكمال الجلال، وأنواع الفضائل وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته إياه إلى الصراط المستقيم، ودوام النعم والإبعاد من الجحيم.. فإن نظرت إلى وصف هيئته صلى الله عليه وسلم فجمال ما بعده جمال، وإن نظرت إلى أخلاقه وخلاله فكمال ما بعده كمال، وإن نظرت إلى إحسانه وفضله على الناس جميعًا وعلى المسلمين خصوصًا فوفاء ما بعده وفاء. حكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي واجبة على كل مسلم قطعًا، والأدلة على ثبوت وجوبها كثيرة، ومن ذلك قول الله سبحانه الذي جمع في آية واحدة كل محبوبات الدنيا، وكل متعلقات القلوب، وكل مطامع النفوس ووضعها في كفةٍ، وحب الله، وحب رسوله في كفةٍ: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة: 24). قال القاضي عياض رحمه الله: “فكفى بهذا حضًّا وتنبيهًا ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها، وعظم خطرها، واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم؛ إذ قرّع تعالى من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله، وأوعدهم بقوله تعالى: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} ثم فسّقهم بتمام الآية فقال: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله عز وجل. فهذه آية عظيمة تبين أهمية ووجوب هذه المحبة. ويأتينا دليل عظيم وبليغ في قول الحق: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ…} اشهد ربي بانني أحب رسوله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم وأحبكم في الله تعالي جميعا لكم خالص تحياتى وتقديرى الدكتـور على حسـن