ننتظر تسجيلك هـنـا

{ اعلانات عاشق الحروف ) ~
 
 

الإهداءات



-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
أفضل مشارك
بيانات أمير الحرف
اللقب
المشاركات 355
النقاط 435
بيانات عاشق الحروف
اللقب
المشاركات 8087
النقاط 6770


التفاؤل شعار الإيمان

.. غيمة الرُوُح ْ فِي رِِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة



3 معجبون
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-18-2022, 07:56 PM
https://up.jo1sat.net/do.php?img=7684
جميلة الروح غير متواجد حالياً
اوسمتي
المحبة سنابل العطاء شكر وتقدير الترحيب 
 
 عضويتي » 712
 جيت فيذا » Apr 2022
 آخر حضور » 03-22-2024 (01:05 AM)
آبدآعاتي » 11,634
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » جميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond reputeجميلة الروح has a reputation beyond repute
 آوسِمتي » المحبة سنابل العطاء شكر وتقدير الترحيب 
 
افتراضي التفاؤل شعار الإيمان

Facebook Twitter





الحمد لله بيده مفاتيحُ الفرج، شرَّع الشرائع، وأحكَم الأحكام، وما جعل علينا في الدين من حرج، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قامت على وحدانيته البراهين والحجج، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، هو المفدى بالقلوب والمهج، صلى الله وسلم، وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ساروا على أقوم طريق، وأعدل منهج، والتابعين ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن المؤمن متفائل على الدوام، ذلك أن طبيعة الإيمان تفاؤل، وكل ما أتى من الله فهو خير، وكُلٌّ من عند الله، فالمؤمن ساكن النفس، مطمئنُّ القلب، رخيُّ البال، مرتاح الفكر، فعلمه بربه، وبَذْلُه وسعَه لمرضاته حافزٌ للاستبشار والسرور، وحسن الظنِّ بمن لا يأتي الخير إلَّا من عنده، ولا يُستدفع الشر إلا به، تبارك وتعالى، وجلَّ وعزَّ.

فالمؤمن يعلم أنَّ أمرَه كلَّه خيرٌ، وأن تدبير ربِّه له خير من تدبيره وتدبير غيره له، يتعبَّد ربَّه بمقتضى أسمائه وصفاته؛ كالرب، والكريم، والحكيم، والرفيق، واللطيف، والبر، والرحمن، والرحيم، والوهَّاب، والعدل، والحي، والقيوم، وغيرها من أسماء وصفات الجمال والجلال، ويؤمن بالقضاء والقدر، وأنه حتم لازب، وقضاء نافذ، ويدافع القضاء بالقضاء على وفق الشرع، فلا يعجز عند الأمر، ولا يجزع عند المر، قد انسجمت روحه وقلبه وعقله وجثمانه مع علمه بربِّه وشريعته.

وبالجملة، فالمؤمن متفائل بمستقبله ومستقبل أحبابه، ومجتمعه وأمته على الدوام، مهما كان الامتحان بشدائد البلايا، وكبريات الرزايا، فمهما اشتد البلاء فالفرج على إثره، وكل مصيبة– خلا مصيبة الدِّيْن– فهي يسيرة؛ لأنها مصيبة دُنْيا، وهموم الدنيا- على التحقيق- لا تستحق، وزوال الدنيا بأسرها ليس بشيء في جناب ساعة من ساعات الآخرة، وقد قال صلوات الله وسلامه وبركاته عليه: ((لغدوةٌ في سبيل الله - أو روحة - خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولموضِعُ سَوْطِ أحدِكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها))[1].

وميزان الدنيا مع الآخرة صفر كمًّا وكيفًا بحسب المنطق؛ ذلك أنك لو وزنت عددًا محدودًا مهما بلغ طوله بما لا حدَّ له ولا نهاية؛ فالنتيجة صفرية، وتأمل آيات الكتاب والسنة في أمر الدنيا تجد أنها ليست بشيء أمام الآخرة، وأن كل حطامها فانٍ، وكل متاعها زائلٌ، وكل عيشها منغَّصٌ ومقطوعٌ، وكل عقائد أهلها الباطلة وأخلاقهم السافلة هي في النهاية هباءٌ ووزرٌ، مهما زيَّفتها شياطين الإنس والجان، ﴿ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ ﴾ [المائدة: 68].

ومن نظر إلى نعيم الآخرة هانت عليه نفسُه في أودية عذابات الدنيا، ومن علم أن الله يحب عباده المؤمنين به ويبتليهم، وأنه على قدر ولايتهم يكون صب البلاء، وصب الصبر والرضا، والحمد والشكر لمن وفَّقه منهم، وأن الله تعالى أقرب ما يكون من عبده حال مرضه أو فاقته، أو مظلمته، أو فقد أحبابه، أو تبدُّل أحواله، ونحو ذلك؛ فلن ييأس، أو يحزن أبدًا، وفي ذلك تحصينٌ وبناءٌ، وعلاجٌ ودواءٌ؛ لأن الحزن واليأس يزيدان المرض والحسرة، والألم والضيق.

هذا، وإنَّ الجزع أو السوداوية، أو سوء الظن بالله في المرض خاصة يضعف مقاومة الجسم للأمراض؛ فتضعف مناعته؛ بل تنهار وتنهزم عن مقاومة المرض، وهذا ما أثبته الطب حديثًا؛ فالروح المعنوية القوية من أقوى عوامل دفع الداء بإذن الله.

ومن الأطباء - هداهم الله - من يقنِّط المريض من الشفاء بحجة عرض الحقائق بزعمه، علمًا أن المستقبل علمٌ اختصَّ الله بتدبيره والعلم به، فمهما اتَّفقت وجهات نظرهم، وأجهزة علمهم فهي ليست يقينيةً، وكم فاجَأَهُم الشافي سبحانه بشفاء مرضى قد يئسوا وأيسوا من شفائهم، فأبى الله ذلك سبحانه وبحمده، وفعلهم مخالفٌ لهدي رسولنا صلى الله عليه وسلم، فقد كان سيد المتفائلين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره قال: ((بشِّروا ولا تنفِّروا، ويسِّروا ولا تعسِّروا))[2].

ولا بدَّ أن نعلم أن عقيدتنا كمسلمين في المرض مختلفة عن نظرة الكفرة له، فيشيع في بلاد الشرق والغرب أنَّ هناك أمراضًا لا شفاء لها، وهذا مخالف لمعتقد الحنفاء، فقد قال الهادي البشير صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللهَ خلَقَ الداءَ والدواءَ، فتداووا ولا تتداووا بحرامٍ))[3].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أنزلَ اللهُ من داءٍ إلَّا أنزلَ له شفاء، عَلِمَه مَنْ عَلِمَه، وجَهِلَه مَن جَهِلَه))[4].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((لكُلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أُصِيبَ دواءُ الدَّاءِ بَرَأ بإذْنِ اللهِ))[5].

واعلم أيها المريض أن المرض مقدَّر لك من عند الله، الذي هو أرحم وأعلم، وأحكم وألطف، وأرفق بك من والديك ومن نفسك، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، وقال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ﴾ [الحديد: 22]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((كتبَ اللهُ مقاديرَ الخلائقِ قبلَ أن يخلقَ السماواتِ والأرضَ بخمسينَ ألْفِ سنةٍ))[6].

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فإذا امرأة من السَّبْي وجدَتْ صبيًّا فأخذته، فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أترونَ هذه المرأةَ طارحةً ولَدَها في النَّارِ؟)) قلنا: لا، وهي تقدر ألَّا تطرحه، فقال: ((للهُ أرحَمُ بعباده من هذه بولَدِها))[7].

وتذكَّر أن الله تبارك وتعالى قد أراد بك خيرًا بمرضك وبلائك، قال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ يُرِد اللهُ به خيرًا يُصِبْ منه))[8]؛ أي: يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها، والابتلاء بالمرض وغيره من أمارات محبة الله لعبده؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ إذا أحَبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي فله الرِّضا، ومَنْ سَخِط فله السَّخَط))[9].

واعلم- رحمني الله وإياك- أن هذه الدار فانية، ومُتعها زائلة، وأن هناك دارًا أعظم منها خطرًا، وأجل منها قدرًا، قال تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64]، وقال تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20]، وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [فاطر: 5].

وعن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين[10] يأتي بجزيتها، فقدم بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم[11]، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، انصرف، فتعرضوا له، فتبسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال: ((أظنُّكم سمِعْتُم أنَّ أبا عبيدة قدم بشيءٍ من البحرين))؟ فقالوا: أجل، يا رسول الله، فقال: ((أَبْشِرُوا، وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ [12]؛ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ))[13].

وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وجلسنا حوله، فقال: ((إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي، مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا))[14].

وعنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنَّ الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإنَّ الله تَعالى مُسْتَخْلِفُكم فيها، فَينْظُر كيفَ تعْملُونَ، فاتَّقوا الدُّنيا، واتُّقوا النساءَ))[15]، وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهُمَّ لا عَيْشَ إلا عَيْش الآخِرةِ))[16].

وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ: أَهْلُهُ، وَمَالُهُ، وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ، ويَبْقَى واحِدٌ، يرجع أهْلُه ومالُه، ويَبْقَى عَمَلُه))[17].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ))[18].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((يُؤتَى بأنْعَمِ أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيُصبَغ في النار صَبغةً، ثم يقال: يا بن آدمَ، هل رأيت خيرًا قَطُّ؟ هل مرَّ بك نعيمٌ قطُّ؟ فيقول: لا والله يا رب، ويُؤتى بأشدِّ الناسِ بُؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيُصبَغ في الجنة صَبْغةً، فيقال له: يا بنَ آدمَ، هل رأيت بُؤسًا قَطُّ؟ هل مرَّ بكَ شِدَّةُ قَطُّ؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مرَّ بي بُؤسٌ قَطُّ، ولا رأيْتُ شِدَّةً قَطُّ))[19].

قال الشافعي رحمه الله تعالى ناصحًا:
ومَن يذُق الدنيا فإني طعِمتُها
وسِيقَ إلينا عَذْبُها وعَذَابُها
فلمْ أرَها إلَّا غُرورًا وباطِلًا
كما لاحَ في ظهر الفَلاة سَرابُها
وما هي إلا جيفةٌ مستحيلةٌ
عليها كلابٌ همهُنَّ اجتِذابُها
فإنْ تجْتَنِبْها كنتَ سِلْمًا لأهلها
وإنْ تجتذِبْها نازعَتْكَ كِلابُها


وعليه، فالمؤمن يرضى بتدبير مولاه الرحيم الرفيق، البر اللطيف، ولا بد للمؤمن أن يستبشر في كل أحواله، شاهدًا برضاه بقسمة مولاه، متخذًا من بلائه مطيَّةً لبلوغ مرماه الأخروي، وتحقيق هدفه السماوي، فعجبًا لأمر المؤمن إنَّ أمرَه كُلَّه خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حال المؤمن الصابر الراضي بقضاء الله تعالى، ودومًا تفاءل بالأحسن، وانتظر الأفضل، وكُنْ على استعداد للأسوأ حتى لا تنكسر، وكُنْ حسِنَ الظن بمن كل الخير منه.
سيفتحُ اللهُ بابًا كنت تحسَبه
من شدَّة اليأسِ لم يُخْلَق بِمفْتاحِ





بارك الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانه، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنه لا بُدَّ للعسر من يسر، فقد قال تعالى: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]، وهذه سُنَّةُ الله تعالى في خلقه، ما جعل عسرًا إلا جعل بعده يُسْرًا، والأمراض مهما طالت وعظمت لا بد لأيامها أن تنتهي، ولا بد لساعاتها- بإذن الله- أن تنجلي، يقول الشاعر:
ولَرُبَّ نازلةٍ يَضيقُ بها الفَتى
ذَرْعًا وعند اللهِ منها المخْرَجُ
ضاقَتْ فلمَّا استحكَمَتْ حَلَقاتُها
فُرِجَتْ وكان يظُنُّها لا تُفرَجُ


قال ابن رجب رحمه الله: "وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لن يَغْلِبَ عُسرٌ يُسرين))[20].

ورُوي أنَّ أبا عبيدة حُصِرَ بالشام، فكتب إليه عمرُ يقول: "مهما ينْزل بامرئ شدَّةٌ يجعل الله بعدها فرجًا، وإنَّه لن يَغلِبَ عسرٌ يُسرين، وإنَّه يقول: ﴿ اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200][21].

ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب واليُسر بالعسر: أنَّ الكربَ إذا اشتدَّ وعَظُمَ وتناهى، وحصل للعبد الإياسُ من كَشفه من جهة المخلوقين، وتعلق قلبُه بالله وحده، وهذا هو حقيقةُ التوكُّل على الله، وهو من أعظم الأسباب التي تُطلَبُ بها الحوائجُ، فإنَّ الله يكفي مَنْ توكَّل عليه، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3].

وعن محمد بن إسحاق قال: جاء مالك الأشجعي إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: أُسِرَ ابني عوفٌ، فقال له: ((أرسل إليه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يأمُرُكَ أنْ تُكثِرَ من قول: لا حول ولا قوَّةَ إلا بالله))، فأتاه الرسول فأخبره، فأكبَّ عوفٌ يقول: لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله، وكانوا قد شدُّوه بالقِدِّ، فسقط القِدُّ عنه، فخرج، فإذا هو بناقةٍ لهم فركبها، فأقبل، فإذا هو بسَرحِ القوم الذين كانوا شدُّوه، فصاح بهم، فاتبع آخرُها أوَّلها، فلم يَفْجَأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب، فقال أبوه: عوفٌ وربِّ الكعبة، فقالت أمه: واشوقاه! وعوف كئيب يألم ما فيه مِنَ القدِّ، فاستبقَ الأبُ والخادمُ إليه، فإذا عوفٌ قد ملأ الفناء إبلًا، فقصَّ على أبيه أمرَه وأمرَ الإبل، فأتى أبوهُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بخبرِ عوفٍ وخبرِ الإبل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اصْنَعْ بها ما أحْبَبْتَ، وما كُنْتَ صانعًا بإبِلِكَ))، ونزل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3][22].

قال الفضيل: "والله لو يئستَ مِنَ الخلق حتَّى لا تريد منهم شيئًا، لأعطاك مولاك كُلَّ ما تُريد".

وأيضًا، فإنَّ المؤمن إذا استبطأ الفرج، وأيس منه بعدَ كثرة دعائه وتضرُّعه، ولم يظهر عليه أثرُ الإجابة يرجع إلى نفسه باللائمة، وقال لها: إنَّما أُتيتُ من قِبَلِكَ، ولو كان فيك خيرٌ لأُجِبْتُ، وهذا اللومُ أحبُّ إلى الله من كثيرٍ من الطَّاعاتِ، فإنَّه يُوجبُ انكسار العبد لمولاه واعترافه له بأنَّه أهلٌ لما نزل به من البلاء، وأنَّه ليس بأهلٍ لإجابة الدعاء؛ فلذلك تُسرع إليه حينئذٍ إجابةُ الدعاء، وتفريجُ الكرب، فإنَّه تعالى عندَ المنكسرةِ قلوبهم من أجله.






hgjthcg auhv hgYdlhk hgYdlhk




 توقيع : جميلة الروح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
التفاؤل, الإيمان, شعار

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

RSS RSS2.0 XML HTML INFO GZ MAP SITEMAP TAGS


الساعة الآن 07:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

ارشفة إكساء هوست