بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الإمام مسلم اسمه ولقبه:
هو الإمام الحافظ المجوِّد الحُجَّة الصادق ، أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري . و قُشَير قبيلة من العرب معروفة ، و نيسابور مدينة مشهورة بخراسان من أحسن مدنها ، وأجمعها للعلم والخير . وُلِد بنيسابور سنةَ 206هـ/ 821م .
نشأ الإمام مسلم في بيت تقوى وصلاح وعلم، فقد كان والده حجاج بن مسلم القشيري أحد محبي العلم ، وأحد من يعشقون حلقات العلماء، فتربى الإمام وترعرع في هذا الجوِّ الإيماني الرائع . وقد بدأالإمام مسلم(رحمه الله) رحلته في طلب العلم مبكرًا ، فلم يكن قد تجاوز الثانية عشرة من عمره حين بدأ في سماع الحديث ؛ قال الذهبي : " وأول سماعه في سنة ثماني عشرة من يحيى بن يحيى التميمي ، وحج في سنة عشرين وهو أمرد ".
شيوخ الإمام مسلم
للإمام مسلم (رحمه الله) شيوخ كثيرون ، بلغ عددهم مائتين وعشرين رجلا ً، وقد سمع بمكة من عبد الله بن مسلمة القعنبي ، فهو أكبر شيخ له ، و سمع بالكوفة والعراق والحرمين و مصر.
ومن أبرز هؤلاء الأئمة: يحيى بن يحيى النيسابوري ، و قتيبة بن سعيد ، وسعيد بن منصور، و أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو خيثمة زهير بن حرب ، وأبو كريب محمد بن العلاء ، وأبو موسى محمد بن المثنى ، و هناد بن السري ، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، ومحمد بن يحيى الذهلي ، والبخاري ، وعبد الله الدَّارِمِي ، وإسحاق الكوسج ، و خلق سواهم .
تلاميذ الإمام مسلم
علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي ، وهو أكبر منه ، ومحمد بن عبد الوهاب الفرَّاء شيخه ، ولكن ما أخرج عنه في (صحيحه) ،والحسين بن محمد القباني، وأبو بكر محمد بن النضر بن سلمة الجارودي ، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي ، وصالح بن محمد جزرة ، وأبو عيسى الترمذي في (جامعه) ، وأحمد بن المبارك المُسْتَمْلِي ، وعبد الله بن يحيى السرخسي القاضي ، ونصر بن أحمد بن نصر الحافظ، وغيرهم كثير .
مؤلفات الإمام مسلم
للإمام مسلم (رحمه الله) مؤلفات كثيرة ، منها ما وُجد ، ومنها ما فُقد ؛
كتب مالك (رحمه الله) كتاب الموطأ ، أودعه أصول الأحكام من الصحيح المتفق عليه ، ورتبه على أبواب الفقه ، ثم عُني الحفاظ بمعرفة طرق الأحاديث وأسانيده المختلفة ، وربما يقع إسناد الحديث من طرق متعددة عن رواة مختلفين ، وقد يقع الحديث أيضًا في أبواب متعددة باختلاف المعاني التي اشتمل عليها .
وجاء محمد بن إسماعيل البخاري إمام المحدثين في عصره ، فخرَّج أحاديث السنة على أبوابها في مسنده الصحيح بجميع الطرق التي للحجازيين والعراقيين والشاميين ، واعتمد منها ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه ، وكرَّر الأحاديث يسوقها في كل باب بمعنى ذلك الباب الذي تضمنه الحديث ، فتكررت لذلك أحاديثه حتى يقال : إنه اشتمل على تسعة آلاف حديث ومائتين ، منها ثلاثة آلاف متكررة ، وفرَّق الطرق والأسانيد عليها مختلفة في كل باب.
ثم جاء الإمام مسلم بن الحجاج القشيري (رحمه الله) ، فألَّف مسنده الصحيح ، حذا فيه حذو البخاري في نقل المجمع عليه ، وحذف المتكرر منها ، وجمع الطرق والأسانيد ، وبوَّبه على أبواب الفقه وتراجمه ، ومع ذلك فلم يستوعب الصحيح كله ، وقد استدرك الناس عليه وعلى البخاري في ذلك . قال الحسين بن محمد الماسرجسي : سمعت أبي يقول : سمعت مسلمًا يقول : " صنَّفت هذا - المسند الصحيح - من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة ".
وقد استغرقت مدة تأليفه لهذا الكتاب خمسة عشر عامًا ، قال أحمد بن سلمة : " كنت مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة ". وقد ألَّفه في بلده ، كما ذكر ابن حجر في مقدمة فتح الباري حيث قال : " إن مسلمًا صنف كتابه في بلده ، بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه ، فكان يتحرز في الألفاظ ، ويتحرى في السياق ".
ثناء العلماء على الإمام مسلم
قال أبو قريش الحافظ: سمعت محمد بن بشار يقول : "حُفَّاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري ، و مسلم بن يسابور ، وعبد الله الدَّارِمِي بسمرقند ، ومحمد بن إسماعيل ببخارى ".
ونقل أبو عبد الله الحاكم أن محمد بن عبد الوهاب الفراء قال : " كان مسلم بن الحجاج من علماء الناس ، ومن أوعية العلم ".
وقال الحافظ أبو علي النيسابوري : " ما تحت أديم السماء أصحُّ من كتاب مسلم في علم الحديث ".
وقال عنه صاحب أبجد العلوم (صديق بن حسن القنوجي) : " والإمام مسلم بن الحجاج القشيري البغدادي أحد الأئمة الحفاظ، وأعلم المحدثين ، إمام خراسان في الحديث بعد البخاري".
وقال أحمد بن سلمة : " رأيتُ أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان (مسلمًا) في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما ".