عاد الهاشمي بعد عدة أيام ، بعد تلقيه في صبيحة اليوم التالي عدة إتصالات يطلبونه للعمل بشكل عاجل وضروري واستقبلته كالعادة بإبريقٍ من القهوة هذه المرة لئلا ننشغل بها لاحقاً،وبعد أن تنفس قليلاً قلت أكمل يا صديقي فقد وصلت لهذه النقطة والتي دونتها عندي خوفاً من أن أنسى
لأذكرك أين وصلت " كان فعلاً حديثي معها يشجيني، أكون مرتاحاً حين أُحادثها ولطالما وبمراتٍ عديدة تأتي لتشكرني على وقوفي جانبها ومعها ومؤازرتها والأخذ بيدها "
إعتدل في جلسته وقال : ما شاء الله عليك يا أخي لم يفتكَ أيةِ فائتة وابتسم
حقاً لقد كان حديثها كذلك،لكني كنت مخطئاً بهذا الإحساس إذ أنني لم أفهم من حديثها إلا
عذوبته ورقته،لم أفهم أضطرابها دوماً حين تواجهها أية مشكلة مهما كانت صغيرة
في حين كنت أدلو لها برأيي بكل شفافية ووضوح،وهي لم يكن لديها
شجاعةً تُذكر لكي تواجه هذه المشاكل والتي لطالما تحدث في أماكنٍ كمكانها، لكنها لم يكن
لديها جرأة المواجهة،لكن للأسف اكتشفت هذا بها متأخراً حين أعلمتني بأنني سأواجه أحدهم
وأوقفه عند حدّه وأنا الأكثر ملائمةً لذلك (( حسبما قالت لي وإدعت بأنني الوحيد النِّد له))
لم أكن أشك بمثقالِ ذرةٍ بكلامها المعسول هذا، فمن فوري قمت بما طلبته على أكمل وجه
لعلك الآن تُخمن أن هذا حُباً أو عشقاً وسأقول لك كان هذا أسمى من هذا وذاك
أو ربما تقول لي الطاعة العمياء من غير تفكير وتدبير، فأنت الأعلم بي من هذه الناحية
لكني كنت بأعلى درجات الصدق معها والشفافية
وحين تمت المواجهة التي طلبتها وقيل ما قيل ، وأُجيب ما وجب أن يُجاب
كانت جداً فرِحةً سعيدة،حتى أتى الرَّد الذي لم تتوقعه من مَنْ تعتبرها أنها الساعد الأيمن
وأن هذه تكون كأنها هي بذاتها، وبعد رد هذه الأخيرة والذي كان متهكماً وبلغةِ تهديد ووعيد
تهكمها وإدعاءاتها وما به إفترَت في لحظتها كانت عليها هي أولاً ثم على نفسي أنا ثانياً
لم تنبس حينها ببنت شفة، بل التزمت الصمت والهروب الى الزوايا
ونتيجةً لهذا الرّد السَّمج من تلك الأخرى،تعالى صوت مَن كُنا سنواجهه وأصبح كأنه قد إنفَّكَ
عنه الرَّسن وفُكَّ لجامه، فأتى الآخر متطاولاً باِسلوب سمجٍ
متعالٍ متكبرٍ وكأنه هو يقول " أنا ربكم الأعلى فاعبدون"
ولم يكن يرى بناظريه غير نفسه وعنجهيتها وهو مجرد سارقٍ لأشياء الآخرين على حين غفلةٍ منهم
ومدعياً أن هذه الأشياء مُلكه من الأزل.
كان الرّد من مَن تعتبر نفسها سلطانة زمانها - وما هي بذلك أبداً ولا ستكون - فجاء ردها سمِجاً رقيعاً متناقضاً عن كل ما كانت تُحدثني به على إنفراد
قلت : هل أعدت عليها السؤال بكل هذا الذي حدث ؟
الهاشمي : عرفت أنك ستسأل هذا السؤال، طبعا يا صديقي أعدت وأنَّبت أيضاً
لكنها أوجدت لرديفتها عذراً وكان العذر أقبح من ذنب،التزمت الصمت فقط لأفكر قليلا
فهي الآن في مخاض الإنكشاف عن الوجه الحقيقي لهذه العذبة الكلام وإنكشاف عن
كلِّ شئٍ تستره عن الآخرين، وقد قمت يا صديقي بحركتي الأخيرة كي أزعجها من ناحية
ومن ناحيةٍ أخرى لأُظهر لها أنني منزعج جداً من أسلوبها الملتوي والغير صريح وغير واضح للجميع
بل كله ضبابي بضبابٍ مكفهر، وقد كنت أدري تمام الدراية بأنها ستأتي إليَّ
مهرولةً راكضة على أثر تلك الحركة التي قمت بها وهي، أني تخليت علانيّةً عن ما كنت أشغله
من منصب والعودة لصفوف الموظفين الآخرين لديها،وكان هذا طيباً جداً لي
لأنني قد أزحت عن كاهلي هذا العبء من المسؤولية في مكانٍ لا يوجد به رؤوساً أكفّاء
وثم أنني سأبقى لها وفياً بوعدي الذي قطعته لها ولنفسي بأنني لن أتركها بغض النظر
عن كل شئ أو مقام أو منصب أو مهما إختلفت وجهات نظرنا للأشياء
وفعلياً يا صديقي قمت بهذا التخلي ومارست العمل كأن شيئاً لم يكن
بل ربما تزايد نشاطي في العمل أكثر من ذي قبل.
وأخيراً أتتني راكضةً يا صديقي
سأتلو عليك هذا الحدث بعد أن تقدم لي طعام العشاء
فقد تضورت جوعاً أيها الكريم
اِلى هنا اِنتهت حلقتنا الثانية
اِنتظرونا في الحلقة القادمة بحول الله قريباً
هنا رابط الحلقة الأولى https://ashqhrof.com/vb/showthread.php?t=73688