قتيبه بن مسلم
قال أحد الأمراء لقتيبة بن مسلم : إن أهل الصغد قد أمنوك عامك هذا ، فإن رأيت أن تعدل إليهم وهم لا يشعرون ، فإنك متى فعلت ذلك أخذتها إن كنت تريدها يوما من الدهر . فقال قتيبة لذلك الأمير : هل قلت هذا لأحد؟ قال : لا . قال : فلئن يسمعه منك أحد أضرب عنقك ، ثم بعث قتيبة أخاه #عبدالرحمن_بن_مسلم بين يديه في عشرين ألفا ، فسبقه إلى #سمرقند ، ولحقه قتيبة في بقية الجيش ، فلما سمعت #الأتراك بقدومهم إليهم انتخبوا من بينهم كل شديد السطوة من أبناء الملوك والأمراء ، وأمروهم أن يسيروا إلى قتيبة في الليل ، فيكبسوا جيش المسلمين ، وجاءت الأخبار إلى قتيبة بذلك ، فجرد أخاه صالحا في ستمائة فارس من الأبطال الذين لا يطاقون ، وقال : خذوا عليهم الطريق . فساروا فوقفوا لهم في أثناء الطريق ، وتفرقوا ثلاث فرق ، فلما اجتازوا بهم في الليل وهم لا يشعرون بأمرهم ثاروا عليهم ، فاقتتلوا هم وإياهم ، فلم يفلت من أولئك الأتراك إلا النفر اليسير ، واحتزوا رءوسهم ، وغنموا ما كان معهم من الأسلحة المحلاة بالذهب والأمتعة ، وقال لهم بعض أولئك : تعلمون أنكم لم تقتلوا في مقامكم هذا إلا ابن ملك ، أو بطلا من الأبطال المعدودين بمائة فارس ، أو بألف فارس ، فنفلهم قتيبة جميع ما غنموه منهم من ذهب وسلاح .
واقترب قتيبة من المدينة العظمى التي بالصغد ، وهي سمرقند ، فنصب عليها المجانيق ، فرماها بها ، وهو مع ذلك يقاتلهم لا يقلع عنهم ، وناصحه من معه من أهل بخارى وخوارزم ، فقاتلوا أهل الصغد قتالا شديدا ، فأرسل إليه غوزك ملك الصغد : إنما تقاتلني بإخوتي وأهل بيتي ، فأخرج إلي العرب . فغضب عند ذلك قتيبة ، وميز العرب من العجم وأمر العجم باعتزالهم ، وقدم الشجعان من العرب ، وأعطاهم جيد السلاح ، وانتزعه من أيدي الجبناء ، وزحف بالأبطال على المدينة ، ورماها بالمجانيق فثلم فيها ثلمة ، فسدها الترك بغرائر الدخن ، وقام رجل منهم فوقها ، فجعل يشتم قتيبة ، فرماه رجل من المسلمين بسهم فقلع عينه حتى خرجت من قفاه ، فلم يلبث أن مات قبحه الله فأعطى قتيبة الذي رماه عشرة آلاف ، ثم دخل الليل فلما أصبحوا رماهم بالمجانيق فثلم أيضا ثلمة ، وصعد المسلمون فوقها ، وتراموا هم وأهل البلد بالنشاب ، فقالت الترك لقتيبة : ارجع عنا يومك هذا ، ونحن نصالحك غدا . فرجع عنهم ، وصالحوه من الغد على ألفي ألف ومائة ألف يحملونها إليه في كل عام ، وعلى أن يعطوه في هذه السنة ثلاثين ألف رأس من الرقيق ، ليس فيهم صغير ولا شيخ ولا عيب ، وفي رواية : مائة ألف من رقيق ، وعلى أن يأخذ حلية الأصنام ، وما في بيوت النيران ، وعلى أن يخلوا المدينة من المقاتلة حتى يبني فيها قتيبة مسجدا ، ويوضع له فيه منبر يخطب عليه ، ويتغدى ويخرج ، فأجابوه إلى ذلك ، فلما دخلها قتيبة دخلها ومعه أربعة آلاف من الأبطال ، وذلك بعد أن بني المسجد ، ووضع فيه المنبر ، فصلى في المسجد وخطب وتغدى ، وأتي بالأصنام التي لهم فسلبت بين يديه ، وألقيت بعضها فوق بعض ، حتى صارت كالقصر العظيم ، ثم أمر بتحريقها ، وقال المجوس : إن فيها أصناما قديمة من أحرقها هلك . وجاء الملك غوزك فنهى عن ذلك ، وقال لقتيبة : إني لك ناصح . فقال : أنا أحرقها بيدي ، ثم أخذ شعلة من نار ، ثم قام إليها ، وهو يكبر الله عز وجل ، وألقى فيها النار فاحترقت ، فوجد من بقايا ما كان فيها من الذهب خمسين ألف مثقال من ذهب.
#سمرقند
#التاريخ_الاسلامي
البداية والنهاية لابن كثير .
🌹 عشاق القصص العربية.
rjdfi fk lsgl
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|