ننتظر تسجيلك هـنـا

{ اعلانات عاشق الحروف ) ~
 
 

الإهداءات



-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
بيانات أميرة قلبة
اللقب
المشاركات 20676
النقاط 6547
بيانات عاشق الحروف
اللقب
المشاركات 8087
النقاط 6770


تفسير الربع الأول من سورة الإسراء

قسم يختص بكل ما يخص القران وعلومه واحكامه



1 معجبون
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04-30-2024, 10:09 AM
https://www.khlgy.com/do.php?img=118603
زهرة الحب غير متواجد حالياً
Egypt    
اوسمتي
اوفياء 
 
 عضويتي » 344
 جيت فيذا » Apr 2021
 آخر حضور » اليوم (08:50 AM)
آبدآعاتي » 3,658
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
 التقييم » زهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond reputeزهرة الحب has a reputation beyond repute
 آوسِمتي » اوفياء 
 
افتراضي تفسير الربع الأول من سورة الإسراء

Facebook Twitter


• الآية 1، والآية 2، والآية 3: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ (يُمَجِّد اللهُ تعالى نفسه ويُعَظِّم شأنه، لقدرته على ما لا يَقدر عليه غيره)، إذ هو الذي أسرَى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ لَيْلًا ﴾ أي جُزءاً مِن الليل - برُوحه وجسده - ﴿ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ بـ "مكة" ﴿ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ أي الذي باركَ اللهُ حوله في الزروع والثمار وغير ذلك، وجعله مَحِلاًّ لكثير من الأنبياء.
♦ واعلم أنَّ الإسراء هو السير ليلاً بشكل خاص، وقد أُسرِيَ بالنبي صلى الله عليه وسلم بالبُراق، وهي دابة بيضاء، أطول من الحمار، وأقصر من البغل (انظر حديث رقم: 127 في صحيح الجامع).
♦ وقد كانت هذه الرحلة ﴿ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا ﴾: أي ليُشاهد محمد صلى الله عليه وسلم قدرة اللهِ تعالى وعجائب صُنعِهِ في الملكوت الأعلى، وليَرى بعَينيه ما كانَ قد آمَنَ به عن طريق الوحي، فيُصبح الغيب عنده مُشاهَدة، ﴿ إِنَّه ﴾ سبحانه ﴿ هُوَ السَّمِيعُ ﴾ لجميع الأصوات، ﴿ الْبَصِيرُ ﴾ بأعمال عباده وأحوالهم، ولذلك اقتضتْ حِكْمته حدوث هذا الإسراء العجيب، ليَرى ويَسمع ما سيَصدر مِن تكذيب الكفار وتصديق المؤمنين - وهو سبحانه أعلم بهم - ثم يَجزي كُلّاً بما يَستحق.
♦ والدليل على أنّ رحلة الإسراء والمعراج كانت رحلة حقيقية ولم تكن رؤيا: أنّ مُشرِكي قريش كانوا يُجادلونَ النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة ويُكَذِّبونه فيها، فلو أنها كانت حُلماً: لَمَا كَذَّبوه، لأنه ليس للنائم تَحَكُّم فيما يَحلم به، ولا يُعقَلُ أبداً أن يأتي إليك رجلٌ ويُخبِرك أنه قد ذهب إلى "الصين" وهو نائم وفَعَلَ كذا وكذا، ثم تُجادله أو تُكَذِبه، إنما تجادل فقط مَن يُخبرُك أنه فعل ذلك في ساعةٍ واحدةٍ مِن الليل، فدَلَّ ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم قد أخبرهم أنه أُسرِيَ به بالروح والجسد معاً.
♦ وحتى يُثبِتَ النبي صلى الله عليه وسلم صِدقه للمشركين، فإنه قد أخبرهم أنه - وهو ذاهبٌ إلى بيت المَقدس - رأى قافلة قادمة إلى مكة، وأنّه قد ضاعَ منهم أحد الإبل في هذه الليلة، وأنهم كانوا يَبحثون عنه، فلما وصلتْ القافلة إلى مكة، سألهم المشركون عن ذلك، فأخبروهم أنه قد حدث ما أخبَرَ به النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك حينما طَلَبَ منه المشركون أن يَصِفَ لهم بيت المقدس - وكانَ بعضهم قد زاره - فأخبَرَهم صلى الله عليه وسلم بوَصْفه، وهنا كانَ أبو بكر رضي الله عنه يقول له: (صدقتَ، صدقتَ)، وكانَ يقول: (إنْ كانَ قالَ فقد صَدَق)، فسُمِّيَ ساعتها بالصِدِّيق.
♦ وكما كَرَّم اللهُ محمدًا صلى الله عليه وسلم بالإسراء، فقد كَرَّم موسى عليه السلام بإعطائه التوراة، قال تعالى: ﴿ وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ﴾ وهو التوراة ﴿ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى ﴾ أي جعلنا التوراة بيانًا للحق وإرشادًا ﴿ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ لِمَا فيه سعادتهم ونَجاتهم، وألزمناهم فيها ﴿ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا ﴾: أي نَهاهم اللهُ أن يَتخذوا نصيراً أو معبودًا يَعتمدون عليه ويُفوضون إليه أمورهم غيره تعالى، وقال لهم: ﴿ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ﴾: يعني يا سُلالة الذين حَمَلْناهم مع نوح في السفينة ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ أي كثير الشُكر لنعم اللهِ عليه، لِذا فاقتدوا به، وكونوا شاكرينَ لنعم ربكم (بعبادته وحده ودوام طاعته).
♦ واعلم أنَّ الشُكر يكونُ حَمداً باللسان واعترافاً بالقلب، وبأنْ تُستخدَم هذه النِعَم في طاعة اللهِ وتعالى، وألاّ تُستخدَم في مَعْصِيَتِهِ، كما قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾، وقال أيضاً: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
• من الآية 4 إلى الآية 8: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ ﴾ يعني أخبرناهم في التوراة بقضاءنا فيهم، وهو أنكم ﴿ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ﴾: أي سوف يَقع منكم إفسادٌ مرتين في أرض "فلسطين" ﴿ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ أي لَتَظلِمُنّ ظلماً عظيماً (بالمعاصي وقَتْل الأنبياء، والتكبر والطغيان)، ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا ﴾: يعني فإذا وقع منكم الإفساد الأول: ﴿ بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ ﴾ أي سَلَّطْنا عليكم ﴿ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ أي يَمتلكونَ شجاعة وقوة شديدة ﴿ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ﴾: أي فطافوا بين دياركم، يقتلونكم ويُشَرِّدونكم ويُفسدونَ أرضكم، ﴿ وَكَانَ ﴾ ذلك ﴿ وَعْدًا مَفْعُولًا ﴾: أي وعدًا لابدَّ مِن وقوعه (لوجود سببه منكم)، (وقد تحقق هذا الوعد عندما أعرض بنو إسرائيل عن طاعة ربهم، وانتهكوا حدود شَرْعهم، حتى قتلوا نبِيّهم "أرميا" عليه السلام، فسَلَّطَ اللهُ عليهم الطاغية "جالوت" الذي ذَكَرَ اللهُ قصته في سورة البقرة).
♦ واعلم أنّ الله تعالى قال: ﴿ عِبَادًا لَنَا ﴾ ولم يقل: (عبادي) لأنهم كانوا أهلَ كُفرٍ وشِرك، فلم يُشَرِّفهم سبحانه بإضافتهم إليه، ولكنه وَصَفهم بأنهم مِن مُلكه، وأنه سَخرّهم لتأديب عباده الذين ظلموا الناسَ وخرجوا عن طاعته.
﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ﴾ أي: ثم أعَدْنا لكم الانتصار على أعدائكم - وذلك بعد سنين طويلة من الاضطهاد والتشريد - عندما طالبتْ جماعة مؤمنة مِن بني إسرائيل أن يُعَيِّنَ لهم نبيُّهم مَلِكاً يقودهم إلى الجهاد، فجاهَدوا أعدائهم حتى قتل داودُ جالوتَ (كما تقدم في سورة البقرة)، ﴿ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ﴾: أي كَثَّرْنا أرزاقكم وأولادكم، وقَوَّيناكم ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ﴾: أي جعلناكم أكثر عددًا من أعدائكم، حتى تَكوَّنت لكم دولة عظيمة، سادت العالم على عهد داود وسليمان عليهما السلام (وذلك بسبب رجوعكم إلى اللهِ تعالى بالعمل بكتابه والتزام شريعته).
♦ وهنا قال تعالى لهم: ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ ﴾ يعني إن أدَّيتم الطاعة بإخلاصٍ للهِ تعالى، وعلى الوجه الذي شَرَعه لكم، واجتنبتم ما نَهاكم عنه، وأحسنتم معاملة خَلقه: فقد ﴿ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ لأنّ ثواب ذلك عائدٌ إليكم، ﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ ﴾ بالانغماس في المَلَذَّات والشهوات، والإعراض عن طاعة رب الأرض والسماوات: ﴿ فَلَهَا ﴾: أي فعِقابُ ذلك سيَرجع إلى أنفسكم أيضاً.
﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ ﴾: يعني فإذا حانَ موعد إفسادكم الثاني: سَلَّطْنا عليكم أعداءكم مرة أخرى - وهم هنا "بُختُنصُر" وجنوده (وذلك على الراجح من أقوال العلماء) - ﴿ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ﴾: أي ليَغلبوكم ويُذِلُّوكم، فتظهر آثار الذل والإهانة على وجوهكم ﴿ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾: يعني وليَدخلوا عليكم المسجد الأقصى، فيُخرِّبوه كما خرَّبوه أول مرة (وفي هذا ذُلٌّ وإهانةٌ لهم، لأنه كانَ مكان عبادتهم، قبل أن يَنسخ الإسلام شريعتهم)، ﴿ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾: يعني ولِيُدمروا كل ما وقع تحت أيديهم تدميرًا كاملاً، (وقد حصل هذا عندما قتل اليهودُ زكريا ويحيى عليهما السلام، وبعد أن ظهر فيهم التبرج والفجور، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم).
﴿ عَسَى رَبُّكُمْ ﴾ يا بني إسرائيل ﴿ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ﴾ بعد انتقامه (إن تبتم وأصلحتم)، ﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ ﴾ إلى الإفساد والظلم والفجور: ﴿ عُدْنَا ﴾ إلى عقابكم ومَذلَّتكم بتسليط مَن نشاء مِن عِبادنا (كما سَلَّطَ اللهُ عليهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم فقتل بعضهم، وأسَرَ بعضهم وأخرج الباقين من المدينة)، فهذا بعض عقابهم في الدنيا، لأنهم لم يَتعظوا من المرتين السابقتين، بل كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد أن عرفوا صفاته في التوراة، ﴿ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ ﴾ - في الآخرة - ﴿ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾ أي سجنًاً يَحصرهم لا يَخرجونَ منه أبداً (واعلم أنّ هذه الآيات تحمل تحذيراً لأُمّة محمد صلى الله عليه وسلم من المعاصي؛ حتى لا يُصيبها ما أصابَ بني إسرائيل، لأنّ سَنَن اللهِ ثابتة لا تتبدل ولا تتغير).
• الآية 9، والآية 10: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ أي يُرشد الناس لأحسن الطرق وأصَحّها، وهي الإسلام (بما فيه من الدلائل والحُجَج والشرائع والمواعظ) ﴿ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ ﴾ أي الذين يَعملون الأعمال الصالحة (بإخلاصٍ للهِ تعالى، وعلى النحو الذي شَرَعه اللهُ لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم)، فأولئك يُبَشِّرهم القرآن بـ ﴿ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ في جنات النعيم، ﴿ وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ ﴾ أي أعْدَدنا لهم ﴿ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ في نار جهنم.
• الآية 11: ﴿ وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ﴾ يعني: وأحيانًا يُسارِع الإنسان - عند الغضب - بالدعاء على نفسه وأهله بالشر، مِثلما يُسارِع بالدعاء بالخير (وهذا مِن عَجَلة الإنسان وجَهْله بعواقب الأمور)، ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ ﴾ بطبعه ﴿ عَجُولًا ﴾ أي كثير العَجَلة بما يَخطر على باله، فلا يَتمهل ولا يَتفكر (هذا ما لم يَتأدب بآداب القرآن، وأما إذا استقام على منهج القرآن وتَخلَّقَ بالأخلاق النبوية: تبَدَّلَ طَبْعُهُ وأصبح صابراً حليماً).
♦ واعلم أنّ كلمة (يَدْعُ) كانَ أصلها: (يَدعُوْ)، ولكنْ حُذِفَتْ الواو الساكنة بسبب التقاءها بالألِف الساكنة (التي في بداية كلمة: الإنسان) وهو ما يُعرَف بـ (التقاء الساكنين)، فحُذِفَ الساكن الأول (وهو هنا الواو)، وهذا مِثل قوله تعالى: ﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴾ ومِثل قوله تعالى: ﴿ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ ﴾ .
• الآية 12: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ ﴾ أي علامتين دالَّتين على قدرتنا وتدبيرنا لمصالح العباد، ثم وَضَّحَ سبحانه ذلك بقوله: ﴿ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ ﴾: أي طَمَسْنا نور الليل بالظلام (لتستريحوا فيه مِن طَلَب الرزق بالنهار)، ﴿ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ أي وجعلنا النهار مُضيئاً، وذلك ﴿ لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾: أي لتُبصروا - في ضوء النهار - كيف تتصرفون في شئون مَعاشكم ﴿ وَلِتَعْلَمُوا ﴾ من ساعات الليل والنهار ﴿ عَدَدَ السِّنِينَ ﴾ وذلك بحساب الأيام والشهور، ﴿ وَالْحِسَابَ ﴾ أي: ولتَعلموا أيضاً حساب الأوقات المتعلقة بمعاملاتكم الدينية والدنيوية، فتُرَتِّبوا على ذلك ما تشاؤون مِن مَصالحكم، ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ﴾: أي ولقد بَيَّنا كل شيءٍ - يَحتاجه العباد - تَبْيِيناً كافيًا.
♦ واعلم أنّ بعض العلماء قد فسَّروا قوله تعالى: ﴿ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ أي جعلنا القمر مُظلماً، وجعلنا الشمس مُضيئة، فاستفاد القمر مِن ضيائها فأصبح مُنيراً، واللهُ أعلم.
• الآية 13، والآية 14، والآية 15: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ﴾ يعني: وكُلّ إنسان جعلنا عَمَلَه - الصادر عنه باختياره - مُلازمًا له (كأنه مربوط بعُنُقه) ليُحاسَب به، ﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا ﴾ قد سُجِّلتْ فيه جميع أعماله ﴿ يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ أي يَرى هذا الكتاب مفتوحًا أمامه،ويُقال له: ﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ ﴾: أي اقرأ كتاب أعمالك، (فيَقرؤه وإنْ لم يكن يعرف القراءة في الدنيا)، ويُقال له: ﴿ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ أي يَكفيك اليوم أنّ نفسك هي التي تُحصي عليك أعمالك، فتعرف ما عليها مِن جزاء (وهذا مِن أعظم العدل أن يُقال للعبد: حاسِبْ نفسك، كفى بها حسيبًا عليك).
♦ واعلم أنّ اللهَ سبحانه عَبَّرَ عن عمل الإنسان بكلمة (طائره)، لأنّ العرب كانوا يَتفاءلون بالطير، فإذا سافروا ومَرَّ بهم الطير من جهة الشمال إلى اليمين تفاءلوا، وإنْ مَرّ بهم من جهة اليمين الى الشمال تشاءموا، فلما نَسَبوا الخير والشر إلى الطائر، شَبَّهَ اللهُ لهم أعمالهم بالطائر (لأنّ العمل هو سبب الخير والشر)، واللهُ أعلم.
♦ وبعد هذا الإنذار أخبَرَ اللهُ تعالى أنه ﴿ مَنِ اهْتَدَى ﴾ أي اتَّبع طريق الهداية: ﴿ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ﴾ لأنّ ثواب ذلك سيعود عليه وحده، ﴿ وَمَنْ ضَلَّ ﴾ عن طريق الحق واتَّبع طريق الباطل: ﴿ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾: يعني فإنما عقاب ذلك سيعود عليه وحده، ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ أي: ولا تَحمل نفسٌ ذنبَ نفسٍ أخرى، إلا إذا كانت سبباً في إضلالها (ولم تَتُب عن ذلك الإضلال)، ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾: أي لم يكن مِن شأن اللهِ تعالى - وهو العدل الرحيم - أن يُعَذِّبَ أحدًا أو يُهلك قريةً إلا بعد إقامة الحُجَّة عليهم (وذلك بأن يُرسِلَ إليهم رسولاً - ويؤيده بالمُعجِزات - ليُعَلِّمهم ما يُحبه اللهُ تعالى وما يُغضبه).
• الآية 16: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً ﴾ ظالمةً - بعد إرسال رُسُلنا إليها -: ﴿ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ﴾ وهم المُنَعَّمين (من الأغنياء والرؤساء والأشراف)، فأمَرَهم سبحانه بتوحيده وطاعته وتصديق رُسُله، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ﴾، ولكنهم: ﴿ فَفَسَقُوا فِيهَا ﴾: أي فعلوا الجرائم والمُنكَرات في هذه القرية، وكَذَّبوا الرُسل ﴿ فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ ﴾: أي فحَقَّ عليهم حُكمُ اللهِ تعالى بالعذاب الذي لا مَرَدَّ له (والمعنى أنهم استحقوا العذاب بتكذيبهم وعِصيانهم) ﴿ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ أي فأهلكناها إهلاكاً كاملاً.
• الآية 17: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ ﴾ أي: ولقد أهلكنا الكثير من الأمم المُكَذِّبة ﴿ مِنْ بَعْدِ ﴾ عهد ﴿ نُوحٍ ﴾ لأنّ قومه كانوا أول مَن أصابهم الهلاك الجماعي، ﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ أي: ويَكفيك أيها الرسول أنّ ربك عالمٌ بذنوب عباده، لا يَخفى عليه شيئٌ منها، وهو قادرٌ على العقاب بها، ولكنه يُمهِل، ثم يأخذ أخْذَ عزيزٍ مُقتدِر، (وفي هذا تصبيرٌ للنبي صلى الله عليه وسلم على ما يَلقاهُ مِن أذى قومه وتكذيبهم، وفي هذا أيضاً تهديدٌ عظيم لهم بالهلاك كما أهلك سبحانه هذه الأمم المُكَذِّبة).
• الآية 18، والآية 19: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ ﴾: يعني: مَن كان طَلَبُه الدنيا، وسَعَى لها وحدها، ولم يُصَدِّق بالآخرة: ﴿ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ ﴾: أي عَجَّل اللهُ له في الدنيا - مِن الرزق - ما يَشاؤه سبحانه (مِمّا كَتبه له في اللوح المحفوظ)، وقوله تعالى: ﴿ لِمَنْ نُرِيدُ ﴾ أي يُعطي سبحانه للذي يريده (إذ الأمر كله راجعٌ إليه وحده)، ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ ﴾ في الآخرة ﴿ يَصْلَاهَا ﴾ أي يَدخلها ليُقاسي حَرَّها، ﴿ مَذْمُومًا ﴾ أي يَذمُّه الناس ويَلومونه، ﴿ مَدْحُورًا ﴾ أي مطرودًا مِن رحمة اللهِ تعالى (وذلك لأنه أراد الدنيا وسعى لها دونَ الآخرة) (واعلم أنّ اللهَ تعالى سَمَّى الدنيا بـ (العاجلة) لسرعة انتهائها).
﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ ﴾ يعني: ومَن قَصَدَ بعمله الصالح: ثوابَ الدار الآخرة الباقية ﴿ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ﴾ أي سَعْيها المطلوب لدخولها (بطاعة اللهِ تعالى واجتناب مَعاصيه، والتوبة إليه في كل وقت) ﴿ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ باللهِ وبرسوله وبما أخبر به رسوله من الغيب: ﴿ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾: أي فأولئك كانَ عملهم مقبولاً مُدَّخرًا لهم عند ربهم، ليأخذوه يوم القيامة في جنات النعيم.
• الآية 20، والآية 21: ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ﴾: يعني كلُّ فريق - من العاملين للدنيا الفانية، والعاملين للآخرة الباقية - نَرزقه في الدنيا؛ فإنّ الرزق ﴿ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ﴾ تفضُّلاً منه سبحانه، ﴿ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾ أي: وما كان عطاء ربك ممنوعاً عن أحد (مؤمنًا كانَ أم كافرًا)، فالكل يأكل ويَشرب ويَلبس (بحسب ما قدَّرَ اللهُ له).
﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾: أي تأمل - أيها الرسول - كيف فضَّلَ اللهُ بعض الناس على بعض في الدنيا في الرزق، فإذا علمتَ هذا، فاعلم أنّ الدنيا ليست مِقياساً عن رضى اللهِ عن العبد، فإنّ اللهَ يُعطي الدنيا لمن يُحب ولمن لا يُحب؛ لأنها لا تساوي عنده جناح بَعوضة، ﴿ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ ﴾ للمؤمنين ﴿ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ من تفضيل الدنيا في العطاء والنعيم، وذلك عائدٌ إلى فضل اللهِ تعالى، ثم إلى عمل الإنسان (كثرةً وإتقاناً).
• الآية 22: ﴿ لَا تَجْعَلْ ﴾ أيها الرسول ﴿ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ ﴾ في عبادته ﴿ فَتَقْعُدَ ﴾ أي فتصير ﴿ مَذْمُومًا ﴾ من الملائكة والمؤمنين، ﴿ مَخْذُولًا ﴾ مِن اللهِ تعالى، لا ناصرَ لك مِن عذابه (وهذا - وإنْ كانَ خطاباً للرسول صلى الله عليه وسلم - فإنه مُوَجَّه لجميع الأُمَّة).
[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
- واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.
رامي حنفي محمود





jtsdv hgvfu hgH,g lk s,vm hgYsvhx hgvfu hgYsvhx jtsdv




 توقيع : زهرة الحب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, الربع, الإسراء, تفسير, سورة

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

RSS RSS2.0 XML HTML INFO GZ MAP SITEMAP TAGS


الساعة الآن 10:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

ارشفة إكساء هوست