الافراط في حب الله ، تستحق أن نتأملها كثيراً ، وأن نقف عندها في اليوم الواحد مراتٍ ومرات
ذلك لما تحمله لنا من رحمةٍ وطمأنينة نفسٍ نرتجيها ونبتهل لأجلها الواحد الأحد،الفرد الصمد
وليس بكثيرٍ على الله سبحانه وتعالى أن نُفرطَ بحبِّهِ ما استطعنا لأننا
على يقينٍ أن هذا الإفراط في الحب مرَدَّهُ لنا ولخيرنا
سواء في الدنيا أو في الحياة الآخرة
وبذلك قد نكون وصلنا الى العيشِ في الدارِ الآخرةِ في جنةٍ عرضها السماوات والأرض
وعيشٌ بحياةٍ خالدةٍ رغيدة ، كما وعدنا الحق من عنده
" ما قيل سالفاً جميعنا يعلمه ويعيهِ تماماً ، إنما أحببت أن أستهل به كلماتي هذه للذكرى – فذّكر إن نفعت الذكرى – "
الافراط في حبِّ الانسان أو النفس البشرية
هنا تأملت هذه الجملة ، ووقفت عندها كثيراً ، ومن خلال واقعٍ عايشته عند البعض
لفت نظري هذا الحب الجيّاش في نفسِ بعضهم ، وتعالى بقلبهِ الحب لشخصٍ
لدرجةِ أنه صارَ لا يرى في الكون نقاءً وصدقاً ومحبةً إلاّ بهذا الشخص .
لستُ أعمم هذا على الجميع ، ولستُ بمخوّلٍ ولا قادرٍ على هذا التعميم
فلكلٍّ منا وجهة نظره ورأيه الذي يراها تتناسب مع طبيعته وتفكيره .
الإفراط في حبِّ شخصٍ بني آدميٍّ كـ نحنُ ربما يكون سلاحاً ذي حديّن
أن يكون مَن شعر بهذا الإفراط من الحب من الطرف الآخر على يقين ومعرفةٍ
بصدق هذا الحب الذي منحهُ إياه بلا مقابل
وأن يكون قادراً على فهمِ هذا الحب الذي منحهُ إياه طرفهُ الآخر
ويستطيع احترام وتقدير هذا الطرف إن لم يستطع مجاراة حبه وشغفه
وهذا برأيي أضعف الإيمان أن يبادله الاحترام ، والاحترام الشديد
بأقصى ما يمكنه عن التعبير عن ذلك ، مُضافاً اليه الاهتمام المميز لهذا الشخص
الذي منحهُ هذا العشق الذي يُشعره بسمو روحه ، وتعالي قدره ومكانته
وأظنه أنه سيكون حقاً مُكتسباً لهذا الشغوف بحبه .
أما سلاحَهُ الثاني :
وهو حقاً السلاح المُدمر للقلب والوجدان إن لم يكن هناك فهماً لهذا الشغف
من الحب أو حين شعورٍ من ذاك الواهب هذا الكَّمِّ من الحب
أن مَن وهبه نفسه وحبه وحتى كل ما يملك قد أخذه الغرور والتعالي
واِتخذ هذا الشغف من الحب نقطةَ ضعفٍ عند طرفهُ الآخر .
فله كامل الحق في الغرور والتعالي كما يريد وكما يحب فقد وجد في نفسه إنساناً مميزاً عن كلِّ مَنْ حوله من الناس
فله حق الغرور ولو قليلاً بهذه الميّزة والتي لولا ذاك الشغوف بحبّه لما كانت ولما ظهرت أو وُجِدَت
إذن فليَّغتَّر كما يشاء على كل العباد إن كان ذاك يرضي غروره
ويُشعره بالسموّ والتعالي عن من حوله .
لكن لذاك الغرور حدّاً محدوداً ، وخطاً أحمراً ، وهو أن لا تسمح له نفسهُ بذاك الغرور
أمام مَن صَنَعَ فيه هذا الغرور فذاك الذي ميّزه وأعطاهُ من الحب
ما لا يتوقعهُ أبداً في يوم من الأيام من أيِّ آخرٍ سوى
هذا العاشق لنفسهِ ولذاته ولكل ما فيه
فليس له الحق هنا بالتعالي أمام هذا المُحب،
وأن يتوافق مع نفسهِ أولاً ويعطيها نَفَساً عميقاً ولا يسمح لها
بقلةِ الاهتمام والتغاضي عن هذا الطرف الذي جعله فوق كل العالمين
فكما أحبَّهَ يمكن أن يُردَّ هذا الحب الى كُرهٍ مقيت حين درايةٍ من الطرف الآخر
أو حين شعورٍ منه بقلةِ اهتمامه واحترامه له
وعدم اِكتراثه بماهية حبه وشغفه مُعلناً عليه الهجر والصدود
بلا سبب !!!!
من هنا تساءلت ..
" أيكون حقاً فرط الحب للحبيب معضلةً، ونتائجها وخيمةً على قلب هذا المحب ؟؟ "
" أبعدَ كلِّ هذا الحبِّ والعطاء ، أهكذا حقاً يكون الجزاء ؟؟!! "
حالةٌ عايشتها حقاً وعن كثب
وكم أحزنني ذلك وضاقت النفس من ذلك المشهد
حين اِستكان ذلك العاشق بزاويتهِ أمامي يُتمتم بينه وبينه كلماتٍ حقاً لم افهمها .