عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2024, 04:32 AM   #3



 
 عضويتي » 39
 جيت فيذا » Feb 2022
 آخر حضور » اليوم (01:50 AM)
آبدآعاتي » 43,234
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
 التقييم » نور تم تعطيل التقييم
 

نور غير متواجد حالياً

افتراضي





إليكم قصة إسلام حمزة :
أيها الأخوة, في صبيحة أحد الأيام, خرج سيدنا حمزة كعادته إلى الكعبة، وعند الكعبة وجد نفراً من زعماء قريش، فجلس معهم يستمع لما يقولون، وكانوا يتحدَّثون عن سيدنا محمد ، ولأول مرة رآهم يقلقون من دعوة ابن أخيه، وتظهر في أحاديثهم نبرة الحقد والغيظ والمرارة، هو أعلن عن عدم مبالاته، وخفف عنهم، وقال: أن الأمر ليس خطيراً، وهم يعرفونه أنه يعرف حجم هذه الدعوة الجديدة .
الشيء الذي يلفت نظرنا في هذه السيرة: أنه خرج مرةً من داره متوشِّحاً قوسه، ميمِّماً وجهه شطر الفلاة، ليمارس هوايته المحببة وهي الصيد، وكان صاحب مهارةٍ فائقةٍ فيه، وقضى هناك بعض يومه، ولما عاد من قنصه, أي من صيده, ذهب كعادته إلى الكعبة, ليطوف بها قبل أن يقفل راجعاً إلى داره، وقريباً من الكعبة, لقيته خادمةٌ لعبد الله بن جُدعان، ولم تكد تبصره حتى قالت له:

((يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمدٍ آنفاً من أبي الحكم بن هشام، وجده هناك جالساً؛ فآذاه، وسبَّه، وبلغ منه ما يكره .
-هو في الجاهلية، لم يسلم بعد، لكن أعماقه تحب النبي، صديقه، وتِرْبَه، وأخاه من الرضاع، ونشأ معه، والعاقل والذكي يقدِّر- مضت هذه الخادمة, تشرح لسيدنا حمزة ما صنع أبو جهلٍ برسول الله، واستمع هذا الصحابي الجليل لقولها جيداً، ثم أطرق لحظةً، ثم مد يمينه إلى قوسه, فثبَّتها فوق كتفه، ثم انطلق في خطىً سريعة حازماً صوب الكعبة، وفي هدوءٍ رهيب, تقدَّم حمزة من أبي جهلٍ، ثم استلَّ قوسه، وهوى به على رأس أبي جهل فشجه وأدماه ، وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة، صاح حمزة في أبي جهل: أتشتم محمداً، وأنا على دينه ، أقول ما يقول؟ ألا فرد ذلك علي إن استطعت .
-هذا الصحابي الجليل، عم النبي عليه الصلاة والسلام، أسلم في ساعة غضب، هناك أشخاصٌ يسلمون بعد التروي، والأخذ والرد، والمحاكمة والحسابات- في هذه اللحظة التي لم يحتمل, أن يصاب ابن أخيه بالأذى من قبل أبي جهل، أعلن إسلامه صراحةً -وانتهى الأمر.
أيها الأخوة, لكن بعد أن أسلم, شعر أن هذا الدين فيه التزامات، وأنه ترك دين آبائه، هذه فطرة بالإنسان، لأن الإنسان يكره ترك ما ألفه، قال المتنبي:
خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا لفارقت شيبي موجع القلب باكيا
الإنسان أحياناً يتألم من ترك بيته، من ترك مركبته، الفراق صعب، فهذا معجب بسيدنا محمد، لكنه على دين آبائه وأجداده، معجب فيه أخلاقياً، سلوكياً، ومحبته له, دفعته إلى هذا الموقف، لكنه أسلم الآن، ومعنى أسلم: أي عليه التزامات، ومواقف، وانحياز من فريق إلى فريق، وسيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام, حينما قال على سيدنا الصديق:

((ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة إلا أخي أبا بكر))
فسيدنا حمزة أعلن إسلامه، وترك هذا الجمع الذاهل يجتر خيبة أمله، وأبا جهلٍ يلعق دماءه النازفة من رأسه المجروح، ومد حمزة يمينه مرةً أخرى إلى قوسه، فثبتها فوق كتفه، واستقبل الطريق إلى داره, في خطواته الثابتة، وبأسه الشديد .
-وفي البيت وقع في صراعٍ مع نفسه؛ ترك دين آبائه، لم يألف هذا، لم يعرف ما الإسلام؟ ما حقيقته؟ وغير ذلك، هذا الصراع والأخذ والرد، والتمزق الداخلي، ألجأه إلى أن يطوف حول الكعبة, وأن يستخير الله عزَّ وجل- يروي ويقول: ثم أدركني الندم -على هذا الإسلام- على فراق دين آبائي وقومي، وبت من الشك في أمرٍ عظيم, لا أكتحل بنوم –لم يقدر على النوم- ثم أتيت الكعبة، وتضرَّعت إلى الله تعالى, أن يشرح صدري للحق، ويذهب عني الريب، فاستجاب الله لي, وملأ قلبي يقيناً -لأنه طالب حق وصادق- وغدوت إلى النبي عليه الصلاة والسلام, فأخبرته بما كان من أمري، فدعا الله أن يثبِّت قلبي على دينه.
-وهكذا أسلم سيدنا حمزة، من عمالقة الإسلام، من عمالقة المسلمين، وله أعمال عظيمة جداً، ومن ذهب إلى المدينة المنورة, في مزار لسيدنا حمزة بأحد، مزار كبير, إذا وقف عند هذا المزار, عند قبره رضي الله عنه, ليذكر هذه المواقف القادمة .
الله سبحانه وتعالى أعز الإسلام بحمزة، فإذا كان للإنسان شأن، غني، عالم، وظف قوته, وغناه, وعلمه للحق, فهذا شرف له، أعز الله الإسلام بحمزة، ووقف شامخاً قوياً يذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن المستضعفين من أصحابه- .
منذ أن أسلم سيدنا حمزة، نذر كل عافيته, وكل بأسه، وكل حياته لله ولدينه، حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم فقال:

((حمزة أسد الله وأسد رسوله))
[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن أبي لبيبة]
الإنسان إذا وزن نفسه مع هؤلاء يتلاشى نهائياً، ماذا فعلت أنت؟ نحن ماذا فعلنا؟ ماذا قدَّمنا؟ نقدم شيئاً يسيراً, ونمن على الله به، نذر كل وقته، كل بأسه، كل حياته، كل عافيته، كل ماله لله ولدينه، حتى ï؛‡ن النبي عليه الصلاة والسلام خلع عليه هذا اللقب, فقال:
((حمزة أسد الله وأسد رسوله))
[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن أبي لبيبة]
في درسٍ قادم إن شاء الله تعالى، نتحدث عن موقفه الشريف والشجاع يوم بدر، وعن موقفه البطولي يوم أحد، وكيف استشهد يوم أحد؟ .




 توقيع : نور

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102