عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-10-2021, 08:17 PM
ترااانيم غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 67
 جيت فيذا » Feb 2020
 آخر حضور » 03-08-2022 (12:04 AM)
آبدآعاتي » 15,113
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » ترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond reputeترااانيم has a reputation beyond repute
 
دروس من هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم






الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.


أمَّا بَعْدُ: فإنَّ هجرة نبيناصلى الله عليه وسلم تعتبر من أهم أحداث التاريخ الإسلامي، لذلك أحببت أن أُذَكِّرَ طلاب العلم الكرام ببعض الدروس المستفادة من الهجرة فأقول وبالله تعالى التوفيق:

قال ابن هشام (رحمهُ اللهُ):
قَالَت أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ، رضي الله عنها: كَانَ لَا يُخْطِئُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَيْ النَّهَارِ، إمَّا بُكْرَةً، وَإِمَّا عَشِيَّةً، حَتَّى إذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أُذِنَ فِيهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِجْرَةِ، وَالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَيْ قَوْمِهِ، أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْهَاجِرَةِ (شدة الظهيرة)، فِي سَاعَةٍ كَانَ لَا يَأْتِي فِيهَا. فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: مَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ السَّاعَةَ إلَّا لِأَمْرٍ حَدَثَ. فَلَمَّا دَخَلَ، تَأَخَّرَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ سَرِيرِهِ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ إلَّا أَنَا وَأُخْتِي أَسَمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَخْرِجْ عَنِّي مَنْ عِنْدَكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ، وَمَا ذَاكَ؟ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ وَالْهِجْرَةِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الصُّحْبَة. قَالَت عَائِشَةُ: فو الله مَا شَعُرْتُ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَحَدًا يَبْكِي مِنْ الْفَرَحِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَبْكِي يَوْمئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إنَّ هَاتَيْنِ رَاحِلَتَانِ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتهمَا لِهَذَا. فَاسْتَأْجَرَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَرْقَطِ، وَكَانَ مُشْرِكًا، يَدُلُّهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ، فَدَفَعَا إلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، فَكَانَتَا عِنْدَهُ يَرْعَاهُمَا لِمِيعَادِهِمَا.

خَرجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأبو بَكْرِ مِنْ خَوْخَةٍ (باب صغير) لِأَبِي بَكْرٍ فِي ظَهْرِ بَيْتِهِ، ثُمَّ عَمَدَ إلَى غَارٍ بِثَوْرٍ- جَبَلٍ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ- فَدَخَلَاهُ، وَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَسَمَّعَ لَهُمَا مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِمَا نَهَارَهُ، ثُمَّ يَأْتِيهِمَا إذَا أَمْسَى بِمَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْخَبَرِ، وَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ مَوْلَاهُ أَنْ يَرْعَى غَنَمَهُ نَهَارَهُ، ثُمَّ يُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا، يَأْتِيهِمَا إذَا أَمْسَى فِي الْغَارِ. وَكَانَتْ أَسَمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ تَأْتِيهِمَا مِنْ الطَّعَامِ إذَا أَمْسَتْ بِمَا يُصْلِحُهُمَا. وَلَمْ يَعْلَمْ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ، حَيْنَ خَرَجَ، إلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَآلُ أَبِي بَكْرٍ. أَمَا عَلِيٌّ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ بِخُرُوجِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ بَعْدَهُ بِمَكَّةَ، حَتَّى يُؤَدِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَدَائِعَ، الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنَّاسِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِمَكَّةَ أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُخْشَى عَلَيْهِ إلَّا وَضَعَهُ عِنْدَهُ، لِمَا يُعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ صلى الله عليه وسلم.انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ إلَى الْغَارِ لَيْلًا، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَسَ الْغَارَ، لِيَنْظُرَ أَفِيهِ سَبُعٌ أَوْ حَيَّةٌ، يَقِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ. فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَارِ ثَلَاثًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، تمكن المشركون من اقتفاء آثارهم إلى الغار، ولكن الله تعالى صرفهم عن دخول الغار. قال الله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].

روى البخاريُّ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَأَنَا فِي الغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا»؛ (البخاري حديث: 3653).

كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَكُونُ فِي قُرَيْشٍ نَهَارَهُ مَعَهُمْ، يَسْمَعُ مَا يَأْتَمِرُونَ بِهِ، وَمَا يَقُولُونَ فِي شَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ يَأْتِيهِمَا إذَا أَمْسَى فَيُخْبِرُهُمَا الْخَبَرَ. وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَرْعَى فِي رَعْيَانِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَإِذَا أَمْسَى أَرَاحَ عَلَيْهِمَا غَنَمَ أَبِي بَكْرٍ، فَاحْتَلَبَا وَذَبَحَا، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ غَدَا مِنْ عِنْدِهِمَا إلَى مَكَّةَ، اتَّبَعَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ أَثَرَهُ بِالْغَنَمِ حَتَّى يُعَفِّي عَلَيْهِ، حَتَّى إذَا مَضَتْ الثَّلَاثُ، وَسَكَنَ عَنْهُمَا النَّاسُ أَتَاهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنَ أَرْقَطِ، الَّذِي اسْتَأْجَرَاهُ بِبَعِيرَيْهِمَا وَبَعِيرٍ لَهُ فَلَمَّا قَرَّبَ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الرَّاحِلَتَيْنِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَدَّمَ لَهُ أَفَضْلَهُمَا. (سيرة ابن هشام جـ2صـ97:91)

وبعد أن أخفقت (فشلت) قريش في العثور عليهما، أعلنت عن مكافأة كبيرة لمن يقتلهما أو يأسرهما.

روى البخاريُّ عن سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (مائة بعير)، مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقَالَ يَا سُرَاقَةُ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ، أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلاَنًا وَفُلاَنًا، انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا، ثُمَّ لَبِثْتُ فِي المَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ، فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ البَيْتِ، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ، حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ (سقطت) عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلاَمَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا: أَضُرُّهُمْ أَمْ لاَ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَعَصَيْتُ الأَزْلاَمَ، تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ لاَ يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الأَرْضِ، حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً، إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلاَمِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الحَبْسِ عَنْهُمْ، أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي وَلَمْ يَسْأَلاَنِي، إِلَّا أَنْ قَالَ: «أَخْفِ عَنَّا». فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ(جلد)، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (البخاري حديث: 3906).

نزول الرسول صلى الله عليه وسلم بخيمة أم معبد:
نزل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه بخيمة أم معبد طالبين الضيافة، فاعتذرت لهم لعدم وجود طعام عندها، إلّا شاة هزيلة لا تدر لبنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- فما تلك الشاة؟ فأُتي بها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة عليها، ثم حُلب منها اللبن فشربوا. فقال أبو معبد: أنت الذي تزعم قريش أنك صابيء؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنهم يقولون، قال أبو معبد: أشهد أن ما جئت به حق. ثم قال: أتبعك، قال: لا حتى تسمع أنا قد ظهرنا. فاتّبعه بعد. ولا شك في أن هذا الخبر فيه معجزة حسيّة للرسول صلى الله عليه وسلم شاهدها أبو معبد فأسلم. (موسوعة نضرة النعيم جـ1صـ:261)

وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة:
كان المسلمون في المدينة قد سمعوا بخروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى ظاهر المدينة ينتظرونه حتى إذا اشتد الحر عليهم عادوا إلى بيوتهم، فلما كان يوم الاثنين الثاني من ربيع الأول. انتظروه حتى لم يبق لهم ظل يستظلون به، فعادوا وقدم الرسول صلى الله عليه وسلم وقد دخلوا بيوتهم، فبصر به يهودي فناداهم، فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يهللون ويكبرون، وسُمعت الرجّة والتكبيرة في بني عمرو بن عوف، فكبر المسلمون فرحًا بقدومه وخرجوا وتلقوه وحيَّوه بتحية النبوَّة. فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في قباء في بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة وأسس مسجد قباء.

ولما عزم النبي صلى الله عليه وسلم على أن يدخل المدينة أرسل إلى زعماء بني النجار فجاءوا متقلدين سيوفهم. ومضى الموكب داخل المدينة والجموع تهتف: «جاء نبي الله، جاء نبي الله». وقد صعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان في الطرق وهم ينادون: «يا محمد يا رسول الله، يا محمد يا رسول الله». قال البراء بن عازب- رضي الله عنهما-: «ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ». وتطلع زعماء الأنصار إلى استضافة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقبل النبي صلى الله عليه وسلم بناقته حتى نزل ضيفًا على أبي أيوب الأنصاري. تسابق الأنصار على إيواء إخوانهم المهاجرين وآثروهم على أنفسهم فأثنى الله تعالى عليهم ثناءً عظيمًا خلّد ذكرهم وحُسْن صنيعهم أبد الدهر. فقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]. (موسوعة نضرة النعيم جـ1صـ262:261).

روى الطبرانيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأنصاري قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ فَوْقَكَ وَتَكُونَ أَسْفَلَ مِنِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنِ ارْفِقْ بِنَا أَنْ نَكُونَ فِي السُّفْلِ، لِمَنْ يَغْشَانَا مِنَ النَّاسِ»، فَلَقَدْ رَأَيْتُ جَرَّةً لَنَا انْكَسَرَتْ فَأُهْرِيقَ مَاؤُهَا، فَقُمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ بِقَطِيفَةٍ لَنَا مَالَنَا لِحَافٌ غَيْرَهَا، نُنَشِّفُ بِهَا الْمَاءَ، فَرَقًا(خوفًا) مِنْ أَنْ يَصِلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ شَيْءٌ يُؤْذِيهِ، وَكُنَّا نَصْنَعُ طَعَامًا، فَإِذَا رَدَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ تَيَمَّمْنَا مَوَاضِعَ أَصَابِعِهِ، فَأَكَلْنَا مِنْهَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، فَرَدَّ عَلَيْنَا عَشَاءَهُ لَيْلَةً، وَكُنَّا جَعَلْنَا فِيهِ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلَمْ نَرَ فِيهِ أَثَرَ أَصَابِعِهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي كُنَّا نَصْنَعُ وَالَّذِي رَأَيْنَا مِنْ رَدِّهِ الطَّعَامَ وَلَمْ يَأْكُلْ " فَقَالَ: «إِنِّي وَجَدْتُ مِنْهُ رِيحَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَأَنَا رَجُلٌ أُنَاجِي فَلَمْ أَحَبَّ أَنْ يُوجَدَ مِنِّي رِيحُهُ، فَأَمَّا أَنْتُمْ فَكُلُوهُ». (معجم الطبراني الكبير جـ 4صـ114 حديث: 3855)

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:
لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينة آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. آخَى بَيْنَهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالْمُؤَاسَاةِ وَيَتَوَارَثُونَ بَعْدَ الْمَمَاتِ دُونَ ذَوِي الأَرْحَامِ. وَكَانُوا تِسْعِينَ رَجُلا. خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ. وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الأَنْصَارِ. وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ وَأَنْزَلَ الله تعالى: ﴿ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 75] فَنَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ مَا كَانَ قَبْلَهَا. وَانْقَطَعَتِ الْمُؤَاخَاةُ فِي الْمِيرَاثِ. وَرَجَعَ كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَى نَسَبِهِ وَوَرِثَهُ ذَوُو رَحِمِهِ. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ1صـ184).

مثال للمؤاخاة:
روى البخاريُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ عَلِمَتْ الْأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ، وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ، فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ. (البخاري حديث 3781).


وفي رواية أخرى للبخاريِّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ. هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ. قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ. قَالَ ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ(عطر) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَ: امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ. قَالَ: كَمْ سُقْتَ؟ قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. (البخاري حديث 2048).


بناء المسجد النبوي:
لما وصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ بَرَكَتْ نَاقَتَةُ صلى الله عليه وسلم،عِنْدَ مَوْضِعِ مَسْجِدِهِ،صلى الله عليه وسلم، الآن، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّي فِيهِ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مكانًا لتجفيف التمر لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ، غُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ. وَكَانَا فِي حِجْرِ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغُلامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا. فَقَالا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اشتراه مِنْهُمَا. مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ. وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُعْطِيَهُمَا ذَلِكَ. وَكَانَ جِدَارًا لَيْسَ عَلَيْهِ سَقْفٌ. وَقِبْلَتُهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَكَانَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بَنَاهُ فَكَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فِيهِ وَيُجَمِّعُ بِهِمْ فِيهِ الْجُمُعَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّخْلِ الَّذِي فِي الْحَدِيقَةِ وبالغرقد الَّذِي فِيهِ أَنْ يُقْطَعَ. وَأَمَرَ بِاللَّبِنِ فَضُرِبَ. وَكَانَ فِيه قُبُورٌ جَاهِلِيَّةٌ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُبِشَتْ. وَأَمَرَ بِالْعِظَامِ أَنْ تُغَيَّبَ. وَأَسَّسُوا الْمَسْجِدَ فَجَعَلُوا طُولَهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ إِلَى مُؤَخَّرِهِ مِائَةَ ذِرَاعٍ. وَفِي هَذَيْنِ الْجَانِبَيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَهُوَ مُرَبَّعٌ. وَجَعَلُوا الأَسَاسَ قَرِيبًا مِنْ ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ عَلَى الأَرْضِ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ بَنَوْهُ بِاللَّبِنِ. وَبَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ. وَجَعَلَ يَنْقِلُ مَعَهُمُ الْحِجَارَةَ بِنَفْسِهِ وَيَقُولُ:
اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إِلا عَيْشُ الآخِرَةِ *** فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ
وَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا الْحِمَالُ لا حِمَالَ خَيْبَرْ *** هَذَا أَبَرُّ. رَبَّنَا. وَأَطْهَرْ
وَجَعَلَ قِبْلَتَهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَجَعَلَ لَهُ ثَلاثَةَ أَبْوَابٍ: بَابًا فِي مُؤَخَّرِهِ. وَبَابًا يُقَالُ لَهُ بَابُ الرَّحْمَةِ. وَالْبَابُ الثَّالِثُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِدَارِ بَسْطَةً. وَعُمُدَهُ الْجُذُوعَ. وَسَقْفَهُ جَرِيدًا. وَبَنَى بُيُوتًا إِلَى جَنْبِهِ بِاللَّبِنِ وَسَقَفَهَا بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَالْجَرِيدِ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْبِنَاءِ بَنَى بِعَائِشَةَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَابُهُ شَارِعٌ إِلَى الْمَسْجِدِ. وَجَعَلَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ فِي الْبَيْتِ الآخَرِ الَّذِي يَلِيهِ. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ1صـ185:184).


دروس من الهجرة:
إن هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من مكة إلى المدينة، شرفٌ عظيمٌ ومنزلةٌ ساميةٌ نالها المهاجرون. وهذه الهجرة المباركة ليست حدثًا عاديًا وإنما هي رمز للتضحية والفداء من أجل الإسلام. وللهجرة دروس عظيمة يجب أن يضعها المسلم أمام عينيه و يسير على ضوئها في حياته فيسعد في الدنيا والآخرة، وينال رضا الله تعالى و جنة عرضها السموات والأرض، فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وسوف نذكر بعضًا من الدروس المستفادة من الهجرة:
(1) أعداء الإسلام لنا بالمرصاد:
إن أعداء الإسلام في كل مكان وزمان للمسلمين بالمرصاد. وهذه حقيقة ثابتة منذ أن أشرقت شمس الإسلام على العالم، ويتضح ذلك جليًا في سبب هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه بدينهم من مكة إلى المدينة، حيث تحمل نبينا صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لا يتحمله بشر، وكذلك أصحابه الكرام مثل، بلال، وياسر وعمار وسمية وغيرهم حيث منعهم المشركون من إقامة شعائر الإسلام. لقد اجتمع المشركون في دار الندوة لإعداد خطة يتخلصون بها من نبينا صلى الله عليه وسلم ولكن الله تعالى كان لهم بالمرصاد. قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30].

فيجب علينا أن نكون على حذر من أعدائنا ونعد لهم ما استطعنا من قوة، حتى لا نُؤخذ على غِرَّة.
قال الله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60].

(2) وجوب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام:
إذا كان المسلم الذي يعيش في بلاد غير المسلمين لا يتمكن من إقامة شعائر الإسلام والدعوة إلى الإسلام علانية، وجب عليه الهجرة إلى بلاد الإسلام ليتمكن من إظهار شعائر دينه فيها، ويظهر ذلك في هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام من مكة، فلما منعهم المشركون من إظهار الإسلام والدعوة إليه، هاجروا إلى المدينة، فأقاموا فيها دولة الإسلام وعبدوا الله تعالى علانية وأخذوا يدعون الناس للدخول في الإسلام.

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 97: 99].

(3) الهجرة من المعصية إلى الطاعة:
إن من أعظم الدروس المستفادة من الهجرة للمسلم الذي يعيش في بلاد الإسلام هي هجرة المعاصي والذنوب إلى طاعة الله تعالى والتوبة النصوح والندم على ما فرط في حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم،وحق نفسه وحق إخوانه المسلمين.

قال الله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

أخي المسلم الكريم: اعلم أن التوبة النصوح لها شروط:
قال النووي (رحمه الله) التَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب، فإنْ كَانتِ المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللهِ تَعَالَى لاَ تَتَعلَّقُ بحقّ آدَمِيٍّ، فَلَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط:
أحَدُها: أنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ.
والثَّانِي: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا.
والثَّالثُ: أنْ يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَدًا. فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ لَمْ تَصِحَّ تَوبَتُهُ.

وإنْ كَانَتِ المَعْصِيةُ تَتَعَلقُ بآدَمِيٍّ فَشُرُوطُهَا أرْبَعَةٌ: هذِهِ الثَّلاثَةُ، وأنْ يَبْرَأ مِنْ حَقّ صَاحِبِها، فَإِنْ كَانَتْ مالًا أَوْ نَحْوَهُ رَدَّهُ إِلَيْه، وإنْ كَانَت حَدَّ قَذْفٍ ونَحْوَهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ عَفْوَهُ، وإنْ كَانْت غِيبَةً استَحَلَّهُ مِنْهَا. ويجِبُ أنْ يَتُوبَ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ، فَإِنْ تَابَ مِنْ بَعْضِها صَحَّتْ تَوْبَتُهُ عِنْدَ أهْلِ الحَقِّ مِنْ ذلِكَ الذَّنْبِ، وبَقِيَ عَلَيهِ البَاقي. وَقَدْ تَظَاهَرَتْ دَلائِلُ الكتَابِ، والسُّنَّةِ، وإجْمَاعِ الأُمَّةِ عَلَى وُجوبِ التَّوبةِ (رياض الصالحين للنووي صـ24: 25).

كيف يهاجر المسلم بجوارحه؟
يجب على المسلم أن يهاجر بلسانه من الكذب إلى الصدق.
ويهاجر بعينيه من النظر إلى ما حرمه الله عليه إلى النظر إلى ما أحله الله تعالى له.

ويهاجر بأذنيه من الاستماع إلى الغناء المحرَّمِ والمعازف إلى الاستماع إلى القرآن الكريم وأحاديث نبيناصلى الله عليه وسلم ودروس العِلْمِ النافع المشروعة وكل ما ينفع المسلم في دينه ودنياه. ويهاجر بيده من الكسب الحرام إلى الكسب الحلال. ويهاجر بقَدمه من أماكن المعاصي و اللهو إلى المساجد و أماكن الطاعات و طلب العلوم النافعة المشروعة التي فيها خدمة الإسلام والمسلمين. ويهاجر بقلبه إلى الله تعالى. وهجرة القلب تعني أن يكون دائمًا متعلقًا بالله تعالى وحده في جميع أحواله. وهذه أعظم هجرة في أعضاء المسلم.

ويجب على المسلم أن يهجر البدعة إلى السُّنةِ، فيتبع نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم في جميع الاعتقادات والأقوال والأفعال.

(4) حُسن التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب المشروعة:
إن حُسْنَ التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب يظهر جليًا في إعداد نبينا لخطة الهجرة إلى المدينة، وإعداد أبي بكر الصديق للراحلتين مسبقًا واستئجار نبينا صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أُرَيقط المشرك ليكون دليلًا له أثناء الهجرة، ثم إنه أمرَ علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه في ليله الهجرة، ليظن المشركون أن نبينا صلى الله عليه وسلم لا يزال نائمًا في فراشه.

ويظهر الأخذ بالأسباب في تكليف عبد الله بن أبي بكر الصديق وأخته أسماء وعامر بن فهيرة بمهام محددة يقومون بها وخروج الرسولصلى الله عليه وسلم وأبي بكر من الباب الخلفي لمنزل أبي بكر حتى لا يراهما أحدٌ من المشركين.

(5) التضحية والصبر على الأذى من أجل الإسلام:
يظهر ذلك بصورة واضحة في هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه لبلدهم مكة المكرمة وهي أحب بلاد الله تعالى إلى الله تعالى وهي التي ولدوا فيها وعاشوا فيها، وذلك من أجل الإسلام.

روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ حَمْرَاءَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفًا عَلَى الْحَزْوَرَةِ (تل صغير خارج مكة) فَقَالَ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 3082).

وروى الترمذيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَكَّةَ: مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 3083).

ويظهر هذا الدرس أيضًا في موقف أبي بكر الصديق أثناء الهجرة حيث كان أبو بكر يتمنى أن يفتدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحياته وبكل ما يملك ابتغاء وجه الله تعالى.

روى البيهقيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: «ذُكِرَ رِجَالٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَكَأَنَّهُمْ فَضَلُّوا عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: وَاللهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، وَلَيَوْمٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، لَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ انْطَلَقَ إِلَى الْغَارِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَجَعَلَ يَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَاعَةً خَلْفَهُ، حَتَّى فَطِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَالِكَ تَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيَّ وَسَاعَةً خَلْفِي؟ فَقَالَ. يَا رَسُولَ اللهِ أَذْكُرُ الطَّلَبَ، فَأَمْشِي خَلْفَكَ، ثُمَّ أَذْكُرُ الرَّصَدَ فَأَمْشِي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ كَانَ شَيْءٌ أَحْبَبْتَ أَنْ يَكُونَ لَكَ دُونِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَانَتْ لِتَكُنْ مِنْ مُلِمَّةٍ إِلَّا أَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ لِي دُونَكَ.

فَلَمَّا انْتَهَيْنَا مِنَ الْغَارِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ حَتَّى استبري لَكَ الْغَارَ فَدَخَلَ فَاسْتَبْرَأَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي أَعْلَاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِ الْجُحْرَةَ، فَقَالَ: مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ حَتَّى استبري الْجُحْرَةَ، فَدَخَلَ فَاسْتَبْرَأَ، ثُمَّ قَالَ: انْزِلْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَنَزَلَ فَقَالَ عُمَرُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتِلْكَ اللَّيْلَةُ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ. (دلائل النبوة للبيهقي جـ2 صـ476).

(6) الشباب الصادق هم دعائم الإسلام:
الشباب المسلم الصادق (من الرجال والنساء) من أصحاب العقيدة الصحيحة، هم دائمًا دعائم الإسلام، ويظهر هذا واضحًا في موقف أسماء بنت أبي بكر الصديق وتعرضها للأذى من أبي جهل، وفيما قام به عبد الله بن أبي بكر، وعامر بن فُهَيرة حيث كانا يحملان أخبار مكة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي موقف علي بن أبي طالب الذي استخلفه رسول الله لينام في فراشه حتى يخدع المشركين. (سيرة ابن هشام جـ2 صـ: صـ94).

(7) حسنُ اختيار الصديق والرفيق:
ينبغي على المسلم أن يحسن اختيار صديقه ومن يرافقه في السفر بحيث يكون مسلمًا صالحًا أمينًا، ناصحًا لغيره من الناس، ويظهر ذلك في اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق لكي يكون مرافقًا له في هجرته من مكة إلى المدينة.

ومن المعلوم أن الإنسان يتأثر بأخلاق وأفعال من يرافقه، ولذا حثنا نبينا صلى الله عليه وسلم على حسن اختيار الصديق.

روى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ. (حديث صحيح) (مسند أحمد جـ2 صـ334).

(8) جواز الاستعانة بغير المسلمين عند الضرورة:
يجوز للمسلم أن يستعين بغير المسلمين من ذوي الأمانة والخبرة في المجال الذي يريده، وذلك عند الضرورة فقط، ويظهر ذلك عند هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، حيث استأجر نبينا صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أُرَيقط، وكان رجلًا مشركًا خبيرًا بطرق الصحراء، ليدله على الطريق إلى المدينة.

روى البخاريُّ عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا (الخبير بطرق الصحراء) وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ. (البخاري حديث 2264).

وعلى ذلك يجوز للمريض المسلم أن يذهب للعلاج عند طبيب غير مسلم في حالة الضرورة بشرط أن يكون هذا الطبيب خبيرًا بالطب وموثوقًا به عند الناس.

قال ابنُ تيمية: إذَا كَانَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ خَبِيرًا بِالطِّبِّ ثِقَةً عِنْدَ الْإِنْسَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ الْمَالَ وَأَنْ يُعَامِلَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾ [آل عمران: 75]. (الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ2 صـ441).

(9) التعاون والمحافظة على الأسرار من أسباب نـجاح العمل:
يظهر هذا الدرس جليًا في هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حيث لم يعلم أحدٌ من الناس بالوقت المحدد للهجرة إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر، أما علي فإن رسول اللهصلى الله عليه وسلم أخبره بخروجه وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَخَلّفَ بَعْدَهُ بِمَكّةَ حَتّى يُؤَدّيَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَدَائِعَ الّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنّاسِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلملَيْسَ بِمَكّة أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُخْشَى عَلَيْهِ إلّا وَضَعَهُ عِنْدَهُ لِمَا يُعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ صلى الله عليه وسلم. (سير ابن هشام جـ2 صـ92).

(10) الله تعالى ينصر من ينصره:
إن تأييد الله تعالى لعباده المؤمنين الصادقين ونصرته لهم حقيقة ثابتة منذ فجر التاريخ، ويظهر هذا بصورة واضحة عندما صرف الله تعالى المشركين عن دخول الغار الذي يختبئ فيه نبينا صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق أثناء الهجرة من مكة إلى المدينة.

قال الله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].

روى البخاريُّ عن أَنَسٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا قَالَ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا. (البخاري حديث 4663).

(11) الله تعالى يستجيب دعاء عباده المؤمنين:
ويتضح ذلك جليًا في سرعة استجابة الله تعالى لدعاء نبينا صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة.

روى البخاريُّ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (وهو يتحدث عن أحداث الهجرة): فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ قَالَ فَقِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ. (البخاري حديث 3911).

إن الدعاء سلوى المحزونين ونجوى المتقين ودأب الصالحين، فإذا صدر عن قلب سليم ونفس صافية، وجوارح خاشعة، وجد إجابة كريمة من رب رحيم ودود بعباده. والدعاء من أشرف العبادات، والله يجيب دعوة المخلصين في السراء والضراء.

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

وقال سبحانه: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].

أخي الكريم: اعلم أن الله تعالى رفع مقام الدعاء فجعله عبادة حيث قال جل شأنه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

إن الدعاء كم رفع من بلاء، وكم أظل من نعمة، وكم أهلك من عدو جائر. إن الدعاء قد حرك الحجر الأصم حركة حقيقية ظاهرة كما ثبت ذلك في حديث أصحاب الغار الثلاثة. (البخاري حديث 2272/مسلم حديث 2743).

(12) أداء الأمانات إلى أهلها ولو كانوا من الأعداء أو من غير المسلمين:
يجب على كل مسلم أن يؤدي الأمانات إلى أهلها والذين ائتمنوه عليها وإن كانوا من أعدائه أو من غير المسلمين، ويتضح ذلك في هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حيث أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بموعد الهجرة وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَخَلّفَ بَعْدَهُ بِمَكّةَ حَتّى يُؤَدّيَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَدَائِعَ الّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِلنّاسِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِمَكّة أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُخْشَى عَلَيْهِ إلّا وَضَعَهُ عِنْدَهُ لِمَا يُعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ صلى الله عليه وسلم. (سيرة ابن هشام جـ2 صـ92).

وقد حثنا الله تعالى على أداء الأمانة لأصحابها حيث قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

(13) الصدق في الأقوال والأفعال طريق النجاة:
يجب على المسلم الصادق أن يتجنب الكذب في جميع أقواله، ويمكن أن يستخدم المعاريض عند الضرورة، ويتضح هذا جليًا فيما رواه البخاريُّ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (وهو يصف أحداث الهجرة المباركة): أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَابٌّ لَا يُعْرَفُ قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ قَالَ فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ. (البخاري حديث 3911).

فاحذر أخي المسلم الكريم الكذب وإن كنت مازحًا؛ روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا. قَالَ: إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1621).

روى أبو داودَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ. (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4015).

(14) العفو عن الناس عند المقدرة:
ينبغي على المسلم أن يتصف بصفة العفو عن الناس حيث إن هذا من الدروس المستفادة من هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم حيث يتضح ذلك في العفو عن سراقة بن مالك الذي خرج من مكة ليقبض على النبي وأبي بكر الصديق ويفوز بالمئة بعير التي أعدتها مكة لذلك.

روى مسلمٌ عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قال (وهو يتحدث عن الهجرة): فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: وَنَحْنُ فِي جَلَدٍ مِنْ الْأَرْضِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أوتِينَا فَقَالَ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا. فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا اللَّهَ فَنَجَا فَرَجَعَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هَاهُنَا فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ قَالَ وَوَفَى لَنَا. (مسلم حديث 3014).

(15) الإسلام أرسى قواعد الأخوة الصادقة:
إن هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم قد أبرزت الكثير من المعاني السامية وأرست العديد من المبادئ العظيمة ومنها مبدأ الإخاء الإسلامي الذي قامت عليه الدولة الإسلامية الجديدة، التي أقامها نبينا صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، فقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وهذه المؤاخاة أخص من الأخوة العامة بين المؤمنين جميعًا، وذلك لأنها أعطت للمتآخين الحق في التوارث فيما بينهما دون أن يكون بينهما صلة من قرابة أو رحم. إن هذه الأخوة الربانية ليس لها نظير في تاريخ البشرية، لقد كان الأنصار يؤثرون إخوانهم المهاجرين على أنفسهم إيثارًا نادر الوجود.

روى البخاريُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمب َيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَقَالَ سَعْدٌ قَدْ عَلِمَتْ الْأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَهْيَمْ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مَا سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. (البخاري حديث 3781).

(16) الإسلام يؤلف بين القلوب المتنافرة:
إن العقيدة الإسلامية الصافية، هي وحدها القادرة على التأليف بين القلوب المتنافرة و إزالة الحقد والكراهية والبغضاء بين الناس، ويتضح ذلك جليًا بعد هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حيث ألَّف الله تعالى بين قلوب الأوس والخزرج فعاشوا جميعًا في أمن وسلام بعد المعارك الطاحنة التي وقعت بينهما لسنوات عديدة حصدت خلالها الكثير من الأرواح من كلا الجانبين.

قال الله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].

قال ابن كثير: هَذَا السِّيَاقُ فِي شَأْنِ الأوْس والخَزْرَج، فَإِنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ حُروبٌ كَثِيرَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَدَاوَةٌ شَدِيدَةٌ وَضَغَائِنُ، طَالَ بِسَبَبِهَا قِتَالُهُمْ وَالْوَقَائِعُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَدَخَلَ فِيهِ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ، صَارُوا إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ بِجَلَالِ اللَّهِ، مُتَوَاصِلِينَ فِي ذَاتِ اللَّهِ، مُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. (تفسير ابن كثير جـ3 صـ136).

(17) أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم هم أفضل هذه الأمة:
ويتضح ذلك جليًا من خلال هجرتهم من مكة إلى المدينة حيث تركوا أوطانهم وأموالهم وديارهم وأهليهم من أجل الإسلام وكانوا على استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل الله تعالى من أجل ذلك زكاهم الله تعالى في آيات كثيرة من القرآن الكريم.

(1) قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال:74].

(2) وقال سبحانه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

(3) وقال جل شأنه: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات:7].

(4) وقال تعالى ﴿ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الحديد:10].

مدح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الصحابة في كثير من أحاديث، وسوف نذكر بعضًا منها:
(1) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ " (البخاري حديث 3651/ مسلم حديث 2533).

(2) روى الشيخانِ عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ. (البخاري حديث 3673 / مسلم حديث 2541).

(3) روى الشيخانِ عن سهل بن سعد قال: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا (ظهورنا) فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ " (البخاري حديث 3797 / مسلم حديث 1804).

(18) المرأة لها منزلة عالية في الإسلام:
أحداث الهجرة المباركة أثبتت أن للمرأة مكانتها العالية في الإسلام. ويظهر ذلك جليًا في موقف عائشة بنت أبي بكر الصديق حيث حفظت أحداث الهجرة وبلَّغتها للأمة الإسلامية. وتظهر منزلة المرأة في الإسلام في موقف أسماء بنت أبي بكر الصديق (ذات النطاقين) حيث ساهمت في إمداد نبينا صلى الله عليه وسلم وأبي بكر بالطعام والشراب أثناء وجودهما في الغار. وتظهر مكانة المرأة في الإسلام أيضًا في موقف أم سلمة هند بنت أبي أمية، فقد عانت الكثير في سبيل هجرتها إلى المدينة، حيث فرق المشركون بينها وبين زوجها وابنها سلمة بعد أن فصلوا يده عن جسده. وعندما مات زوجها تزوجها نبينا صلى الله عليه وسلم في العام الرابع من الهجرة.

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًَا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة.
كما أسأله سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكرامِ. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.






]v,s lk i[vm kfdkh wgn hggi ugdi ,sgl




 توقيع : ترااانيم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102