المرأة في
حياة وهدي النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ
لها مكانة عظيمة، فهي عِرْضٌ يصان، ومخلوق له قدره وكرامته، وقد أحاطها
النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ بسياج من الرعاية والعناية، وخصَّها بالتكريم وحُسْن المعاملة وهذه باقة من أحاديثه وهديه في اهتمامه ـ صلى
الله عليه وسلم ـ بالمرأة : أُمًّا وزوجة وابنة .
الأم .
عن أبي هريرة ـ رضي
الله عنه ـ قال: جاء رجل إلى رسول
الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ فقال: ( يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال: أمك ، قال: ثم من؟، قال : أمك ، قال: ثم من؟ قال: أمك ، قال: ثم من؟، قال: " أبوك ) رواه البخاري .
وعن المقدام بن معد يكرب ـ رضي
الله عنه ـ قال : قال رسول
الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ: ( إن
الله يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب ) رواه أحمد
بل إنه ـ صلى
الله عليه وسلم ـ أوصى بالأم وإن كانت غير مسلمة، فعن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي
الله عنها ـ قالت : ( قدِمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت رسول
الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ فقلت : يا رسول
الله ! قدِمَت علي أمي وهي راغبة، أفأصل أمي ؟، قال: نعم . صِلي أمك )
الإبنة :
أجمع المؤرخون على أن للنبي ـ صلى
الله عليه وسلم - أربع بنات من زوجته ـ خديجة ـ رضي
الله عنها ـ وهن: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة .
وكان من هديه ـ صلى
الله عليه وسلم - أنه كان يُسَّر ويفرح لمولد بناته، فقد سُرَّ واستبشر ـ صلى
الله عليه وسلم - لمولد ابنته فاطمة ـ رضي
الله عنها ـ وتوسم فيها البركة واليُمن، فسماها فاطمة، ولقبها بـِ (الزهراء)، وكانت تكنى أم أبيها رغم أنها كانت البنت الرابعة له ـ صلى
الله عليه وسلم ـ ..
وفي هذا درس منه ـ صلى
الله عليه وسلم ـ بأن من رُزِق البنات وإن كثر عددهن
عليه أن يظهر الفرح والسرور ويشكر
الله سبحانه على ما وهبه من الذرية، وأن يحسن تربيتهن، ويحرص على تزويجهن بالكفء " التقي" صاحب الدين .
وقد زوج
النبي ـ صلى
الله عليه وسلم - جميع بناته من خيرة الرجال : فزوج زينب ـ رضي
الله عنها - من أبي العاص بن الربيع القرشي - رضي
الله عنه -، وكان من رجال مكة المعدودين مالاً وأمانة وتجارة .. وزوج رقية ـ رضي
الله عنها ـ من عثمان بن عفان - رضي
الله عنه - الخليفة الراشد الزاهد الجواد السخي الحيي، فلما توفيت زوجه أم كلثوم ـ رضي
الله عنها ـ ..وكذلك زوَّج فاطمة ـ رضي
الله عنها ـ من علي بن أبي طالب - رضي
الله عنه ـ ..
وكان ـ صلى
الله عليه وسلم - يزور بناته بعد الزواج ويدخل عليهن الفرح والسرور، فقد زار فاطمة ـ رضي
الله عنها ـ بعد زواجها ودعا لها ولزوجها بأن يعيذهما
الله وذريتهما من الشيطان الرجيم .
ولم يكن يشغله ـ صلى
الله عليه وسلم - عن بناته ـ رضي
الله عنهن ـ شاغل بل كان يهتم بهن ويسأل عنهن وهو في أصعب الظروف، فعندما أراد ـ صلى
الله عليه وسلم - الخروج لبدر لملاقاة قريش كانت رقية ـ رضي
الله عنها ـ مريضة، فأمر
النبي ـ صلى
الله عليه وسلم - زوجها عثمان بن عفان - رضي
الله عنه - أن يبقى في المدينة، ليمرضها وضرب له بسهمه في مغانم بدر.
الزوجة :
لقد جعل
النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ من معايير خيرية الرجال حسن معاملة الزوجات، فعن عائشة ـ رضي
الله عنها ـ قالت : قال ـ رسول
الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي .
وعن عائشة ـ رضي
الله عنها ـ : أن رسول
الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ قال : ( إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفهم بأهله ) رواه الترمذي .
وقد سئلت عائشة ـ رضي
الله عنها ـ : ما كان
النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ يعمل في بيته ؟، قالت: ( يخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجل في بيته )، وفي رواية : قالت : ( ما يصنع أحدكم في بيته : يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويخيط .
هكذا كانت
المرأة ـ أُمَّاً وابنة وزوجة ـ في
حياة النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ وهديه، لها من المكانة والمنزلة والاهتمام القدر الكبير الذي لا نظير له في أي مجتمع آخر مهما ادعى الحفاظ على حقوقها وكرامتها، وقد بلغ من شدة اهتمامه ـ صلى
الله عليه وسلم ـ بالمرأة أن أوصى بها في خطبته الشهيرة في حجة الوداع قبل موته قائلا : ( استوصوا بالنساء خيرا ) رواه البخاري.