منتديات عاشق الحروف

منتديات عاشق الحروف (https://ashqhrof.com/vb/index.php)
-   •~ نبضآت إسلآمِيـہ ~• (https://ashqhrof.com/vb/forumdisplay.php?f=76)
-   -   فقه المحبة بين الناس (https://ashqhrof.com/vb/showthread.php?t=65979)

نورسين 11-11-2022 01:49 AM

فقه المحبة بين الناس
 
فقه المحبة بين الناس
د. محمد ويلالي

فقه المحبة بين الناس


أن يرتقي المؤمن إلى درجة يجعل فيها لنفسه مكانًا في قلوب العباد، فتلك منزلة الصالحين، وعلامة الأتقياء الذين خلت قلوبهم من الضغائن والأحقاد، وصفت نفوسهم من الأكدار والشوائب، وتخلصت عقولهم من أسْر الذات، وأغلال الأنا، فرأوا في إخوانهم صورة منهم، يحبون لهم من الخير ما يحبون لأنفسهم، ويدفعون عنهم من الأذى ما يحبون أن يدفعوه عن أنفسهم.



يَلقونهم بالبشر، ويعاملونهم بالصدق، ويسيرون بينهم بالنفع والخير، فَيُلقي الله محبتهم في نفوس خلقه، فتلهج ألسنتهم بحمدهم والثناء عليهم؛ يقول أبو جعفر المنصور: "إن أحببتَ أن يكثر الثناء الجميل عليك من الناس بغير نائل، فالْقهم ببشر حسنٍ".



وأن يرزقك الله وجها مستبشرًا، تملأ طلعتَه الابتسامة، ويكسو جنباته البشر والانبساط، فذلك سلوك رفيع، لا يرتقيه إلا أصحاب القلوب السليمة، والنفوس الزكية الطيبة. وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: "أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: "تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ"؛ مسلم؛ أي: يعجل الله له البشرى في الدنيا بهذا الثناء والرضا والقبول من الناس، ويدخر له في الآخرة جزيل الثواب، وهو دليلٌ على نشر قبوله في الدنيا والآخرة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:

إِذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَبْدَ، نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ،فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ"؛ متفق عليه، وزاد الترمذي: "فَذَلِكَ قَوْلُ الله:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96]؛ قال النووي رحمه الله: "وَمَعْنَى (يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ)؛ أَيْ: الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه، فتميل إليه القلوب وترضى عنه، وقد جاء في رواية: (فَتُوضَع لَهُ الْمَحَبَّة)"، ثم قال: "هذا كله إذا حمده الناس من غير تعرُّض منه لحمدهم، وإلا فالتعرض مذمومٌ".

وقال ابن الجوزي رحمه الله: "إذا أحب الله عبدًا، حبَّبه إلى خلقه، وهم شهداء الله في الأرض"، وهو بذلك يستحضر رحمه الله حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله فِي الأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله فِي الأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله فِي الأَرْضِ"؛ متفق عليه.

وعند النسائي: "المَلاَئِكَةُ شُهَدَاءُ الله فِي السَّمَاءِ، وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله فِي الأَرْضِ".

قال الزرقاني رحمه الله: "فإن ذكره الصلحاء بشيء، علِم أن الله تبارك وتعالى أجرى على ألسنتهم ما له عنده، فإنهم ينطقون بإلهامه"، ولا شك أن الناس يُثنون عليك خيرًا بقدر محبَّتهم لك، وما يكنون من تقدير تُجاهك؛ فعن أبي الأسود الديلي قال: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَمَرَّتْ جِنَازَةٌ، فَأُثنِيَ خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى، فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقُلْتُ: مَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ، أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ"، قُلْنَا: وَثَلاَثَةٌ؟ قَالَ: "وَثَلاَثَةٌ"، قُلْتُ: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: "وَاثْنَانِ"، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ؛ البخاري

[COLOR="darkorange"][ومن أقرب هؤلاء الشهداء، جيرانك الذين هم بجانبك الذين أَثَّرت محبتك لهم في نفوسهم، وأشرقت معاملتُك الحسنة في قلوبهم، فانطلقت ألسنتُهم بالثناء الجميل عليك في حياتك، وبعد مماتك، وكانت شهادتهم طابعًا على صلاحك، وسبيلًا لمغفرة ذنوبك، ومن بديع ما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلمٍ يَمُوتُ، فَيَشْهَدُ لهُ أربعَةُ أهلِ أَبْياتٍ من جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ أنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ إلَّا خيرًا، إلَّا قال اللهُ: قد قَبِلْتُ عِلْمَكُمْ فيهِ، وغَفَرْتُ لهُ ما لا تعلمُونَ"؛ صحيح الترغيب.
وأصرح منه ما رواه كُلْثُوم الْخُزَاعِيُّ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ أَنِّي قَدْ أَحْسَنْتُ، وَإِذَا أَسَأْتُ أَنِّي قَدْ أَسَأْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
الأعجب منه قوله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ أَنْ تَعْرِفُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ"، قَالُوا: بِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، وَالثَّنَاءِ السَّيِّئِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ"؛ سنن ابن ماجه.



فكيف لا يسعى الناس فيما بينهم بالأعمال الصالحة، والمعاملات الطيبة، والعلاقات النافعة، يكسبون بها مرضاة الله تعالى أولًا، ويستميلون بها قلوب عبادته ثانيًا؟

هذا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، كان حريصًا على أن يفتح قلوب الناس بإلقاء محبتهم فيها، فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يَا رَسُولَ الله، ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا ـ يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ ـ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ"، قال أبو هريرة: فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلاَ يَرَانِي إِلاَّ أَحَبَّنِي؛ مسلم.



ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنه ليمر بخاطري الرجل من إخواني وأنا في الليل، فأقوم لأدعو الله وأقول: يا طولها من ليلة، فإذا أصبحت، بادرته فالتزمتُه".
بل إن أهل محبتك وودك، سيكونون شفعاءَ لك يوم الفزع الأكبر، إذا قصرت أعمالك عن اللحاق بهم، فيسألون عنك، ويدافعون عنك، يرفعون ذكرَك في الآخرة، كما رفعوه لك في الدنيا، ويحفظون صحبتك يوم القيامة، كما حفظوها لك في الدنيا.



وتأمل في مرافعتهم من أجلك، ومحاججتهم لإنقاذك، من خلال ما أخبرنا به نبيُّنا صلى الله عليه وسلم مما ورد في صحيح البخاري في حديث طويل، قال: "وَإِذَا رَأَوْا (أي: المؤمنون) أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ يَقُولُونَ: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا، كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ.. ثم قال: "فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ، وَالْمَلاَئِكَةُ، وَالْمُؤْمِنُونَ".

أَخَاك أَخَاك لَا يذهلك عَنهُ
مطامعُ لن تزَال وَلَا رَجَاءُ
فإخوان الْفَتى فِي الأَمر زينٌ
وأركانٌ إِذا نزل الْبلَاءُ


هذه المرتبة الشريفة، والمنزلة الرفيعة المنيفة، منوطة بآداب وشروط عديدة، أهمها أن تكون محبتنا للناس خالصة لوجه الله، لا يُرادُ منها زَلَفٌ مادي، ولا مَلَق نفعي، بل يكون المنطلق هو الإيمان، الذي لا يكمل إلا بتحقيق هذه المحبة؛ فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِله، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ"؛ متفق عليه، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ لِله، وَأَبْغَضَ لِله، وَأَعْطَى لِله، وَمَنَعَ لِله، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ"؛ سنن أبي داود.



ومن تمام صدق المحبة ألا ينزل ما تحبه للناس عن درجة ما تحبه لنفسك، فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"؛ متفق عليه. وعند مسلم: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ ـ أَوْ قَالَ: لِجَارِهِ ـ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".



وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ"؛ مسلم.








روح غاليها 11-11-2022 02:23 AM

نورسين
مواضيعك دايم تشدني
موضوع ممتع حيل
الله لايحرمني منك

أميرة قلبة 11-11-2022 02:50 AM

بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي إنتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

بليت بك 11-11-2022 02:50 AM

بيض الله وجهك
على هالابداع الغير مستغرب ..

سكون 11-11-2022 03:25 AM

يعطيك الف عافيه
ربي يسعدك على جمال طرحك ْ~

نبض القلوب 11-11-2022 03:25 AM

سلمت يداك على الطرح الطيب
يعطيك ربي العآفيه
لك خالص احترامي

فتنه 11-11-2022 03:45 AM

جزاك الله خيرا وبارك بك
لهذا الجلب الطيب
وهذا العطاء المفعم بالخيرات
نفع الله بك وجعله في موازين حسناتك يارب
تقديري لجهودك الدائمة
دمت بمرضاة الله ..
الله يسعدك
ابداعك فاق الحدود والله ):
كنت هنا فتنه

عطرك هوايا 11-11-2022 04:06 AM

شكرآ لـ هذة اللفته
الله لايحرمنا منك ومن ابداعاتك الشيقة ..
دمت لنآ

شموخ انثى 11-11-2022 04:59 AM

عوافي ي بعد راسي ~

نور 11-11-2022 05:00 AM

طرٍح رٍآئع كَ ع ـآدتك ...
يتمـآيل آليـآسمين شذى بجمـآل متصفحك ..
ؤتترٍآقص آلـ ؤرٍؤد متعطرة برٍؤعة مَ طرحته أنـآملك
لرٍؤحك أطيب آلـ ؤرٍد ؤأكـآليل آلـ زهرٍ

معطرٍة برٍقةرٍؤحك


الساعة الآن 09:38 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

ارشفة إكساء هوست

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102