منتديات عاشق الحروف

منتديات عاشق الحروف (https://ashqhrof.com/vb/index.php)
-   •~ نبضآت إسلآمِيـہ ~• (https://ashqhrof.com/vb/forumdisplay.php?f=76)
-   -   الرضا في حياة المسلم (https://ashqhrof.com/vb/showthread.php?t=76429)

نور 12-20-2023 05:49 AM

الرضا في حياة المسلم
 
الرضا في حياة المسلم


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده.
يعيش الناس في هذه الحياة الدنيا في أحوال مختلفة بين سعادة وشقاء، ويُسْر وعُسْر، وفرح وحُزن، وصفاء وكدر.

هكذا هي الحياة وهكذا أرادها الله - عز وجل - مد وجزر، حل وترحال، لقاء وفراق، بداية ونهاية، قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140].

ثمانيةٌ لابدَّ منها على الفتى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولابد أنْ تجري عليه الثمانية https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

سرورٌ وهمٌّ، واجتماعٌ وفُرقة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ويُسرٌ وعُسرٌ، ثم سُقْمٌ وعافية https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


يُعَرَّف الرضا بأنه سرور القلب بمُرِّ القضاء، أو سكونه تحت مجاري الأحكام. وبمعنى آخر: أنْ ترضى بما أنتَ فيه من السراء والضراء، ولا تتمنى خِلافَ حالك، قال ابن المبارك - رحمه الله: (الرضا: لا يتمنى خلاف حاله).

وقد أجمع العلماء: على أنَّ الرضا مستحبٌ مُؤكَّد استحبابه، وليس بواجب كالصبر؛ لأنَّ كثيراً من الناس قد لا يُطيق الرضا أو لا يصل إلى درجته؛ لصعوبته عليهم. والرضا هو أعلى منازل التوكل على الله تعالى. ولم يوجبه الله تعالى على خلقه؛ رحمةً بهم، وتخفيفاً عنهم، لكنه تبارك وتعالى نَدَبَنا إلى الرضا، وأثنى على أهله، وأخبر أنَّ ثوابه رضاه تعالى عنهم كما قال سبحانه: ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [التوبة: 72]، فَرِضَا اللهِ عن أهل الجنة أكبرُ وأجلُّ من الجنة وما فيها.

وقد كان السلف الصالح يوصي بعضهم بعضاً في الرضا: وها هو عمر الفاروق يوصي أبا موسى الأشعري - رضي الله عنهما - قائلاً له: (إنَّ الخير كلَّه في الرضا، فإن استطعت أنْ ترضى وإلاَّ فاصبر)؛ لأنه إنْ لم يصبر فسيقع في التسخط والجزع.

والفرق بين الرضا والصبر: أنَّ الصبر هو حبس النفس عن التَّسخُّط، وأمَّا الرضا هو انشراح الصدر بالقضاء.

والإنسان عند حلول المصيبة له أربعُ حالات: إما التسخط، أو الصبر، أو الرضا، أو الشكر - وهو أعلى مقامات الإيمان، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ» صحيح - رواه النسائي. وما أحسن ما قاله ميمون بن مهران - رحمه الله: (مَنْ لم يرضَ بالقضاء؛ فليس لِحُمقِه دواء).

عباد الله.. إنَّ الرضا له فضائل عظيمة، فمن أهمها:
1- الرضا سببٌ لمغفرة الذنوب: كما جاء في الحديث: «مَنْ قَالَ - حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا؛ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» رواه مسلم.

2- الرضا سببٌ لوجوب الجنة لصاحبه: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا أَبَا سَعِيدٍ! مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا؛ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» رواه مسلم.

3- الرضا سببٌ لنيل رِضوان الله الأبدي: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا: يَا رَبِّ! وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا» رواه البخاري ومسلم.

4- الراضي بقضاء اللهِ أغنَى الناس: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ الْمَحَارِمَ؛ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ. وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ؛ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ» حسن - رواه الترمذي.

5- الرَّاضي يتذوَّق طعمَ الإيمان: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ؛ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً» رواه مسلم.

أيها الإخوة الكرام.. إنَّ كثيراً من الهموم والضغوط النفسية - التي تنعكس سلباً على صحة الإنسان وحياته - سببها عدم الرضا، فمَنْ حُرِمَ لذَّةَ الإيمان ونعيمَ الرضا؛ فهو في قلقٍ واضطراب، وشقاءٍ وعذاب، وخصوصاً حينما يَحِلُّ به بلاء، أو تنزل به مصيبة، فتسْوَدُّ الحياة في عينيه، وتُظلِم الدنيا في وجهه، وتَضيقُ عليه الأرض بما رَحُبَت، ويأتيه الشيطان ليوسوس له: أنه لا خلاص من همومه وأحزانه إلاَّ بالانتحار.

وها هي حوادث الانتحار تزداد نسبتُها، ويتفاقم خطرُها؛ وخصوصاً في البلاد التي انحسر عنها ظلُّ الإِسلام، وخبا فيها نورُ الإِيمان، وهم الذين عَنَاهم الله تعالى بقوله:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

وأمَّا مَنْ رضي بالله تعالى رباً؛ وَجَدَ حلاوةً في الرضا بالقضاء والقدر. ومَنْ رضي بالإسلام ديناً؛ وَجَدَ حلاوةً في اتباع الشريعة، والعملِ بها، والتحاكمِ إليها. ومَنْ رضي بالنبي صلى الله عليه وسلم رسولاً؛ وَجَدَ حلاوةً في اتباع سنته، والتزام هديه.

فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاةُ مَرِيرَةٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَلَيْتَكَ تَرْضَى، وَالأَنَامُ غِضَابُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَلَيْتَ الذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إذا صَح مِنْكَ الوِدُّ فالكلُّ هَيِّنٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكُلُّ الذي فَوقَ التُّرابِ تُراب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


ومن أعظم نماذج الرضا بالقضاء: لَمَّا رَحَل إبراهيم - عليه السلام - بزوجه هاجر وولده إسماعيل إلى مكة المُقفرةِ من الماء والزرع، الخاليةِ من الأحياء، ثم تَرَكَهما، وتوجَّه نحو الشام تعلَّقت به، ونادته من ورائه: «يَا إِبْرَاهِيمُ! إلى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قال: إلى اللَّهِ، قالت: رَضِيتُ بِاللَّهِ» رواه البخاري.

وفي رواية: «قَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذًا لاَ يُضَيِّعُنَا» رواه البخاري. فأكرمها الله تعالى على رضاها به؛ أنْ جعل ابنَها إسماعيل - عليه السلام - رسولاً نبياً، وأعظمُ كرامة نالتها في الدنيا؛ أنْ جعل من نسلها إمامَ المرسلين، وخاتَمَ النبيين، محمداً صلى الله عليه وسلم.

الحمد لله... عباد الله.. الرضا له ثمار طيبة ونافعة في الدنيا والآخرة، فمن أهمها:
1- الرضا فيه السلامة من الاعتراض على أحكام الله الشرعية وأقداره الكونية: فإنَّ أول معصية عُصِيَ اللهُ بها في هذا العالم؛ إنما نشأت من عدم الرضا. فإبليس لم يرض بِحُكم الله الكوني؛ من تفضيل آدم وتكريمه، ولا بِحُكمه الشرعي؛ من أمره بالسجود لآدم، فكان جزاؤه أنْ طُرِدَ من الجنة.

2- الرضا يورث حُسنَ ظنِّ العبد بربِّه: لعِلْمِه أنَّ الله تعالى لا يقضي قضاءً إلاَّ وفيه تمام العدل والرحمة والحكمة.

3- الرضا يغرس الحقائقَ الإيمانيةَ في القلوب: كالاستعانة بالله تعالى، والتوكل عليه، والاستغاثة، والخشية، والإنابة، ونحوها.

4- الرضا يُحقِّق الأمن النفسي لصاحبه: فهو يُزِيل الهمومَ، ويُخَفِّف المآسي.

5- الرضا سببٌ لسلامة صدورنا، ونقاءِ قلوبنا: فيجعل القلبَ سليماً، نقيًّا من الغش والحقد، والحسد والشحناء؛ لأنه يوقن بحكمة الله ورحمته في كُلِّ أقضيته الكونيةِ والشرعية، يعلم أنَّ لله تعالى الحِكمةَ البالغة في إعطاء مَنْ يشاء، ومنعِ مَنْ يشاء، وإعزازِ مَنْ يشاء، وإذلال مَنْ يشاء.

6- الرضا يُخلِّصُنا من الأزمات النفسية: لأنه طاردٌ للقلق والضجر؛ عند فوات مُرادٍ، أو حصول مكروه.

7- الرضا يُورِثنا الاتزان في السراء والضراء: فيجعل المسلم يمضي في حياته على منهج سواء، لا تُبطره نعمة، ولا تُيَئِّسُه مصيبة.

8- الرضا يُحوِّل المِحَنَ إلى مِنَح، والمصائبَ إلى أجور: قال تعالى:

﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن:11]. ومعنى الآية: أنَّ من أصابته مصيبة، فعَلِمَ أنها بقدر الله، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله، ورضي به؛ هدى اللهُ قلبَه، وعوَّضه عمَّا فاته خيراً في الدنيا والآخرة.

9- الرضا يُثمر القناعةَ وعِزَّةَ النفس: فالمؤمن يعلم أنَّ رزقه مكتوب، وأنه لن يموت حتى يستوفيَ رِزقَه، وأنَّ العباد مهما حاولوا إيصال الرزق له، أو منعه عنه فلن يستطيعوا إلاَّ بشيء قد كتبه الله، فينبعث بذلك إلى القناعة وعِزَّةِ النفس، وتركِ التكالب على الدنيا، وقطعِ الطمع مما في أيدي الناس.

10- الرضا يُوجب التواضع: فإذا رَزَقَ اللهُ المؤمنَ مالاً أو جاهاً أو علماً، أو غيرَ ذلك تواضَعَ لله؛ لأنَّ ما به من نعمة فمن الله، ولو شاء لانتزعها منه.

11- الرضا يُثمر الشكر: وهو أعلى مقامات الإيمان، بل هو حقيقة الإيمان، فإنَّ غاية العبادة هي شُكْر المولى، ولا يشكر اللهَ مَنْ لا يرضى بمواهبه وأحكامِه، وصُنعِه وتدبيره، وأخْذِه وعَطائِه، فالشاكر أنعَمُ الناس بالاً، وأحسنهم حالاً.

12- الرضا فيه مُحاربةٌ لليأس: فالذي لا يرضى بما قدَّره الله عليه؛ رُبَّما يصيبه اليأس والقنوط، فإذا أُصيب بِبَليَّة ظنَّ أنها قاصمةٌ لظهره، فاليأس سُمٌّ قاتل، وسِجن مُظلم، يصد النفس عن الخير، ولا يزال بالإنسان حتى يُهْلِكَه أو يُنَغِّصَ عليه حياته.

أمَّا الراضي بقضاء الله تعالى فاليأس ليس في قاموسه، ولا تراه إلاَّ متفائلاً في جميع أحواله، منتظراً الفرج من ربه.

روح غاليها 12-20-2023 06:08 AM

نور
مواضيعك دايم تشدني
موضوع ممتع حيل
الله لايحرمني منك

بليت بك 12-20-2023 06:32 AM

بيض الله وجهك
على هالابداع الغير مستغرب ..

أميرة قلبة 12-20-2023 06:43 AM

بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي إنتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

نبض القلوب 12-20-2023 06:58 AM

سلمت يداك على الطرح الطيب
يعطيك ربي العآفيه
لك خالص احترامي

سكون 12-20-2023 07:12 AM

يعطيك الف عافيه
ربي يسعدك على جمال طرحك ْ~

فتنه 12-20-2023 07:38 AM

جزاك الله خيرا وبارك بك
لهذا الجلب الطيب
وهذا العطاء المفعم بالخيرات
نفع الله بك وجعله في موازين حسناتك يارب
تقديري لجهودك الدائمة
دمت بمرضاة الله ..
الله يسعدك
ابداعك فاق الحدود والله ):
كنت هنا فتنه

عطرك هوايا 12-20-2023 08:03 AM

شكرآ لـ هذة اللفته
الله لايحرمنا منك ومن ابداعاتك الشيقة ..
دمت لنآ

شموخ انثى 12-20-2023 08:59 AM

عوافي ي بعد راسي ~

الفجر البعيد 12-20-2023 10:05 AM

ماشاء الله تبارك الله
أخترت فأبدعت
وجلبت فأفدت
الله يسلم يمينك ~


الساعة الآن 12:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

ارشفة إكساء هوست

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102