منتديات عاشق الحروف

منتديات عاشق الحروف (https://ashqhrof.com/vb/index.php)
-   •~ نبضآت إسلآمِيـہ ~• (https://ashqhrof.com/vb/forumdisplay.php?f=76)
-   -   تأمُّلات فى الذكرى المباركة للاسراء والمعراج (https://ashqhrof.com/vb/showthread.php?t=71010)

الدكتور على حسن 02-23-2023 02:45 AM

تأمُّلات فى الذكرى المباركة للاسراء والمعراج
 
تهبُّ علينا ذكرى الإسراء والمعراج، فتأخذ بقلوبنا إلى ما قبل ألفٍ وأربعمائة عامٍ هجريٍّ، ونحن نتأمَّل هذا النَّبيَّ الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يبحث عن قلوبٍ حانيةٍ تقبل نور الوحى فتنتفع به فى نفسها، وتبلِّغه فتنفع به غيرها.

أتأمَّله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يتنقَّل بين القبائل يدعوهم إلى الله ليلًا ونهارًا، وإعلانًا وإسرّارًا، لم تمنعه شمسٌ محرقةٌ تكاد تصهرُ الصُّخورَ والحجارةَ، ولا رمالٌ ملتهبةٌ تأكل الأقدام والنِّعال.
وبعد لقاءاتٍ متكرِّرةٍ مع قبائل العرب قريبِها وبعيدِها ينطلقُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الطَّائف، يحدوه الأمل، ويدفعه الرَّجاء، خرج إليهم ليدلَّهم على خيرَى الدُّنيا والآخرة، ولكنَّ أهلها عاملوه بما لم يكن يخطر ببالٍ، فلقد قام له كبراؤهم يغرون به سفهاءهم وصبيانهم، فأخذوا يرمونه صلَّى الله عليه وسلَّم بالحجارة حتَّى سال دمه الطَّاهر الطَّيِّب، وهو المؤيَّد بوحى السَّماء.
ولا أعرف حقيقةً ما الَّذى كان يدور فى قلب النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسَّلم- من مشاعرَ وأحاسيسَ؟ وأتصوَّر أن لو كان فى هذا الموقف أيُّ إنسانٍ، فغضب لنفسه، وأقبل على ربِّه فدعا بدعاء نوح عليه السلام فقال: «ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّارًا».
ولكنَّ نبيَّنا -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليس كأيِّ إنسانٍ، فعلى ما لاقاه من إرهاقٍ بدنيٍّ ومشقَّةٍ نفسيَّةٍ هنالك فى أحد البساتين يرفع أكفَّ الضَّراعة إلى ربِّه الرَّحيم ملتمسًا منه النُّصرة، فيُروى أنه دعا ربَّه قائلًا: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِى، وَقِلَّةَ حِيلَتِى، وَهَوَانِى عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أنتَ ربُّ المستضعفين، وأنتَ ربِّى، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟! إِلَى بعيدٍ يَتَجَهَّمُنِي! أَمْ إِلَى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي! إِنْ لَمْ يَكُنْ بك غَضْبٌ عَلَيَّ فَلاَ أُبَالِى، ولكِنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِى، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِى أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، أعوذ بك أَنْ ينْزِلَ بِى غَضَبُكَ، أَوْ يحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ، لَكَ العُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، ولَا حولَ ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ». إنَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يشغله أمر نفسه، ولم يحزن على عدم قدرته على ردِّ الإساءة، إنَّ ما يشغله هو علاقته بربِّه، ثمَّ هو يستعين به على البلاغ.. يا لها من نفسٍ زكيَّةٍ. ولمسلمٍ أن يتأمَّل كيف يكون شعور صاحب أطهر رسالةٍ حين ينظر حوله إلى أسباب العون فإذا هو يفقدها واحدًا بعد واحدٍ، ولكنَّ ثقته فى ربِّه تفوق كلَّ الأسباب، وتغلب كلَّ الأدوات. ها هو يلجأ إلى ربِّ الأرض والسَّماء، ولكنَّه لجوء الرَّحيم إلى الرَّحيم.. فهذا النَّبيَّ الكريم يتعرَّض له النَّاس بالتَّكذيب والإيذاء فلم يعالج قسوتهم بقسوة، ولا شدَّتهم بشدَّة، ولم يقابل عنادهم بعقاب، ولا أذاهم بالدُّعاء عليهم أو الانتقام منهم، ولو شاء لأمضى الله أمره فيهم، روى البخاريُّ أنَّ جِبْرِيلَ -عليه السَّلامُ- لمَّا رأى أهلَ الطَّائف فعلوا ما فعلوا قَالَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَى مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ، ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» وهل بعد هذه الحفاوة حفاوة أو تكريم؟ إن الله عزَّ وجلَّ يخيِّره، ولو شاء النَّبيُّ الكريم لكان الأمر إليه، ولكنَّه أرسله الله رحمة للعالمين، وهذا فى ذاته نصرٌ وعزٌّ وتمكينٌ، ثمَّ يجيء التَّكريم الإلهيُّ، فها هو جبريل عليه السَّلام- يأخذه فى رحلةٍ الإسراء والمعراج المباركة، وكأنَّ الله -سبحانه وتعالى- قد أراد أن يقول لحبيبه المصطفى: يا محمَّد.. إنَّ الله يدعوك اليوم ليعوِّضك بجفاء أهل الأرض حفاوة أهل السَّماء. إنَّ هذا المشهد حين يمرُّ بذاكرة العقلاء لا بدَّ أن يتعلَّموا منه أنَّ الثِّقة فى الله هى مفتاح الخير، وأنَّ المنح كامنةٌ فى أرحام المحن، وأنَّ بعد الظَّلام فجرًا منيرًا، وأنَّ البلاء كما يحتاج إلى الصَّبر فإنَّه يحتاج إلى الشُّكر على ما فى باطنه من نعمةٍ خفيَّةٍ، وأنَّ النَّصر الحقيقيَّ بالله، وليس بسواه.. اجعلْ بربِّك كلَّ عزِّك يستقرُّ ويثبتُ... فإنْ اعتززتَ بمن يموت فإنَّ عزَّك ميتُ.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتور علـى

الهنوف 02-23-2023 03:01 AM

عليه افضل الصلاة والسلام
الله يرحمنا ويعفو عنا
الله يجعلها في ميزان حسناتك
دكتورنا الراقي
ابدعت في السرد والايصال
لاحرمك الله الاجر
جوربات
:1183840f699uh1t0b:

روح غاليها 02-23-2023 03:03 AM

الدكتور على حسن
مواضيعك دايم تشدني
موضوع ممتع حيل
الله لايحرمني منك

بليت بك 02-23-2023 03:32 AM

بيض الله وجهك
على هالابداع الغير مستغرب ..

أميرة قلبة 02-23-2023 03:46 AM

بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي إنتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

نبض القلوب 02-23-2023 03:56 AM

سلمت يداك على الطرح الطيب
يعطيك ربي العآفيه
لك خالص احترامي

سكون 02-23-2023 04:11 AM

يعطيك الف عافيه
ربي يسعدك على جمال طرحك ْ~

فتنه 02-23-2023 04:33 AM

جزاك الله خيرا وبارك بك
لهذا الجلب الطيب
وهذا العطاء المفعم بالخيرات
نفع الله بك وجعله في موازين حسناتك يارب
تقديري لجهودك الدائمة
دمت بمرضاة الله ..
الله يسعدك
ابداعك فاق الحدود والله ):
كنت هنا فتنه

عطرك هوايا 02-23-2023 05:00 AM

شكرآ لـ هذة اللفته
الله لايحرمنا منك ومن ابداعاتك الشيقة ..
دمت لنآ

شموخ انثى 02-23-2023 05:55 AM

عوافي ي بعد راسي ~


الساعة الآن 09:47 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

ارشفة إكساء هوست

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102