ننتظر تسجيلك هـنـا



سلسلة مكارم الاخلاق (10)

.. خطر المعاصي (1) عرفنا أن صلاح الأفراد والمجتمعات لا يتمُّ إلا عبر نشر المحبَّة، وأن المحبة الحقيقية التي ربَّى عليها رسولُ الله - صلى الله عليه

إضافة رد
#1  
قديم اليوم, 04:16 AM
رفيق الالم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 12
 تاريخ التسجيل : Apr 2025
 فترة الأقامة : 5 يوم
 أخر زيارة : اليوم (05:23 AM)
 المشاركات : 16,347 [ + ]
 التقييم : 110
 معدل التقييم : رفيق الالم will become famous soon enoughرفيق الالم will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي سلسلة مكارم الاخلاق (10)












(10) 1065810a8qyq0xxmk.gi


..


خطر المعاصي (1)

عرفنا أن صلاح الأفراد والمجتمعات لا يتمُّ إلا عبر نشر المحبَّة، وأن المحبة الحقيقية التي ربَّى عليها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الجيلَ الأول من المسلمين، انبنتْ على محاسبة النفس الأمَّارة بالسوء محاسبةَ الشريك لشريكه، وأن من الأسباب المعينة على ذلك تجنُّبَ الغفلة، التي ما رانتْ على قلب إلا أفسدته، ولا اتصلت بنفس إلا أهلكتها.
وسنحاول اليوم - إن شاء الله تعالى - أن نتناول موضوعًا آخرَ شديد الأهمية، يعتبر إجابة واضحة عن سبب هذه الوضعية المزرية التي يعيشها المسلمون اليوم، وهذه المكانة المتأخِّرة التي تقبع فيها الأمة الإسلامية، بعد أن كانت منارة الدنيا، وقبلة الأمم الأخرى، إنه موضوع "اقتراف المعاصي"، الذي بسببه أهلك الله الأمم السابقة، فكانت عِبرة لمن يعتبر؛ قال – تعالى -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].
قال الإمام الطبري: "فإنما يصيبكم ذلك عقوبة من الله لكم، بما اجترمتم من الآثام فيما بينكم وبين ربكم، ويعفو لكم ربكم عن كثير من إجرامكم، فلا يعاقبكم بها"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يصيب عبدًا نكبةٌ فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر))؛ "صحيح الجامع".
ولذلك انتشرت النكبات بين جماعة المسلمين، ما من بقعة في الأرض إلا وتراها مشتعلةً بالخصومات، والمناوءات، والتحالفات؛ بل حتى بين الأفراد أنفسهم، بين الأخ وأخيه، بين الأب وابنه، بين الزوج وزوجته، لا يحصل خصام ولا شقاق إلا بسبب سوء العلاقة مع الله، عن طريق اجتراح المعاصي والذنوب؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله))، ويقول: ((والذي نفسي بيده، ما توادَّ اثنان، فيفرق بينهما، إلا بذنب يُحدِثه أحدهما))؛ رواه أحمد بإسناد حسن، وهو في "صحيح الترغيب".
ولما استسقى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بالعباس ين عبدالمطلب - رضي الله عنه - قال العباس: "اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يُكشف إلا بتوبة، وقد توجَّه القوم بي إليك؛ لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث"، قال: "فأرخت السماء مثلَ الجبال، حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس"؛ ذكره الألباني في كتاب "الوسيلة".
فهل من بيننا مثلُ العباس، الذي يعترف بالذنب، ويدعو الله خالصًا من قلبه ليستجيب له؟ أو منا مَن لا يعترف بمعاصيه، ويمضي فيها غافلاً لاهيًا، وكأنه لم يُخلَق إلا للمُتَع والملذات؟
قال أحد الصالحين: "رُبَّ مستدرَج بنِعَم الله عليه وهو لا يعلم، ورب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم، ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم"، مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما سأله عقبةُ بن عامر - رضي الله عنه -: "ما النجاة؟"، قال له: ((أمسِكْ عليك لسانك، ولْيَسَعْك بيتُك، وابْكِ على خطيئتك))؛ رواه الترمذي، وهو في "صحيح الترغيب"، ويقول بلال بن سعد: "لا تنظر إلى صِغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة مَن عصيتَ".
فهل نحن ممن يبكون على خطاياهم المقترَفَة بالليل والنهار، في البر والبحر، في السماء والأرض ولا نبالي؟ وهل ننظر في همِّنا: إن كان لله أمضيناه، وإن كان لغيره تركناه؟ إنه الذهول عن لقاء الله - عز وجل – ﴿ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا ﴾ [الأعراف: 51]، إنها القلوب التي ماتتْ بإدمان المعصية، واستمراء الخطيئة، ورحم الله ابنَ المبارك إذ قال:
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ (10) space.gif
وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا (10) space.gif
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ (10) space.gif
وَخيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا (10) space.gif

إن للذنوب آثارًا وخيمة على حياة المسلم، أوصلَها بعضُهم إلى خمسين أثرًا، نقتصر اليوم على اثنين منها، ونذكر بعضها - إن شاء الله تعالى - في الجُمَع القادمة:
1- سبب مباشر لتعجيل العقوبة من الله - تعالى - في الدنيا قبل الآخرة:
• قال العلامة السعدي: "إن المعاصي تخرب الديارَ العامرة، وتسلب النِّعمَ الباطنة والظاهرة، فكم لها من العقوبات والعواقب الوخيمة! وكم لها من الآثار والأوصاف الذميمة! وكم أزالتْ من نعمةٍ، وأحلَّت من محنةٍ ونقمةٍ!".
• فلم يُطرَد إبليس من الجنة ويُلعن إلا بذنب، وهو الاستكبار والحسد، وترك طاعة الآمر – سبحانه – ﴿ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا ﴾ [الأعراف: 13].
• ولم يُغرِق اللهُ قومَ نوح إلا بذنب، وهو تكذيبهم للرسل؛ ﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً ﴾ [الفرقان: 37].
• ولم يسلط الله الريحَ العقيم على قوم عاد، حتى تركتهم موتى على وجه الأرض، كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمَّرت ديارهم، وزروعهم، ودوابهم - إلا بسبب المعاصي.
• ولم يُهلك الله قومَ ثمود بالصيحة، حتى ماتوا عن آخرهم؛ إلا سبب المعاصي.
• ولم تُرفع قرى قوم لوط، حتى سمعت الملائكةُ نبيحَ كلابهم، ثم قُلبت عليهم، فَجُعِل عالِيها سافلَها، فهلكوا جميعًا - إلا بمعصية الشذوذ، الذي أصبح يطل برأسه هذه الأيام، وصارتْ بعض الجمعيات الشاذة عندنا تنادي بحرية الأفراد في تحويل جنسهم، وممارسة ما يشاؤون من علاقات، تحت مسمى الحرية وحقوق الإنسان.
• ولم يُمطر السحابُ نارًا تلظى على رؤوس قوم شعيب؛ إلا بالمعاصي.
• ولم يُغرِق فرعونَ وقومَه في البحر إلا المعاصي.
• ولم يُخسف بقارون، وداره، وماله، وأهله؛ إلا بسبب المعاصي.
• ولم يَهلِك بنو إسرائيل عبر القرون، ويُسلَّط عليهم أنواعُ العذاب والعقوبات، حتى مسخهم الله قردة وخنازير - إلا بسبب المعاصي؛ كما قال – تعالى -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾ [الأعراف: 167]، فاستحقُّوا ما هم عليه من الذِّلة والشتات؛ بسبب مكابرتهم وعنادهم؛ ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].
وإنما قصَّ علينا - سبحانه - قصصَ هؤلاء؛ لأخذ العبرة؛ حتى لا يصيبنا ما أصابهم؛ ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99]، فكان الناس يخافون من المعصية خوفًا شديدًا، فيحاذرون الوقوع فيها.
• قيل للحسن البصري: "نراك طويل البكاء، فقال: أخاف أن يطرحني الله في النار ولا يبالي".
• وسأله رجل قال: "يا أبا سعيد، كيف نصنع بمجالسة أقوام يخوِّفوننا حتى تكادَ قلوبنا تطير؟ فقال الحسن: والله لأنْ تصحب أقوامًا يخوفونك حتى تدرك أمنًا، خيرٌ من أن تصحب أقوامًا يؤمِّنونك حتى تلحقك المخاوف".
الخطبة الثانية

2- حرمان العلم: لأن العلم نور يجعله الله في قلوب الصادقين، والمعصية تُسلَّط على هذا النور فتطفئه؛ قال - تعالى -: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، قال القرطبي: "وعدٌ من الله – تعالى - بأن مَن اتَّقاه علَّمه؛ أي: يجعل في قلبه نورًا يفهم به ما يُلقى إليه، ومنه قوله – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29].
ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي الإمام مالك، أعجبه؛ لما رأى عليه مخايِل النجابة والذكاء، وقال له: "إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تطفئه بظُلمة المعصية".
وكان وكيع بن الجراح - شيخ الشافعي - يقول:
أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَسْتُ مِنْهُمْ (10) space.gif
لَعَلِّي أَنْ أَنَالَ بِهِمْ شَفَاعَهْ (10) space.gif
وَأَكْرَهُ مَنْ تِجَارَتُهُ المَعَاصِي (10) space.gif
وَإِنْ كُنَّا سَواءً فِي البِضَاعَهْ (10) space.gif

وجاءه تلميذُه الشافعي، فسأله عن أحسن دواء للحفظ، فقال: "والله ما رأيتُ للحفظ مثلَ ترك المعاصي"، فأنشد الشافعي قائلاً:
شَكَوْتُ إِلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي (10) space.gif
فَأَرْشَدَنِي إِلَى تَرْكِ المَعَاصِي (10) space.gif
وَأَخْبَرَنِي بِأَنَّ العِلْمَ نُورٌ (10) space.gif
وَنُورُ اللَّهِ لاَ يُعْطَى لِعَاصِي (10) space.gif

قال الضحاك بن مزاحم - رضي الله عنه -: "ما من أحدٍ تعلَّم القرآن ثم نسيه، إلا بذنبٍ يُحدِثه؛ وذلك بأن الله - تعالى - يقول: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، ونسيانُ القرآن من أعظم المصائب".
قال ابن الجلاد: "نظرتُ منظرًا لا يحل لي، فقال لي أحد الصالحين: أتنظر إلى الحرام؟ والله لتجدن غِبَّهُ ولو بعد حين، قال: فنسيت القرآن بعد أربعين سنة".
وقال ابن مسعود: "إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملُها".
فلنحفظ ألسِنَتنا، فلا نقل إلا حقًّا، ولنحفظ آذاننا، فلا نسمع إلا خيرًا، ولنحفظ بصرنا، فلا ننظر إلا حلالاً، ولنحفظ أيديَنا وأرجُلنا، فلا نحركها إلا فيما ينفعنا.
ومشروعنا - أيها المؤمنون والمؤمنات - ابتداء من الآن هو: لا نقم بحركة إلا إذا تساءلنا: أهي في مرضاة الله، فنقدم عليها، أو هي في سخط الله، فَلْنرجعْ عنها؟


..








sgsgm l;hvl hghoghr (10)





رد مع اقتباس
إضافة رد

سلسلة مكارم الاخلاق (10)


أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010