يقول الله تعالى:
« قال رب أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر
وامرأتى عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء»
[آل عمران: 40]

يوضح د. أحمد السلمى الحويطى،
مدرس البلاغة والنقد بكلية الآداب جامعة عين شمس،
أن بنية الجواب المسكت إجمالًا على النحو الآتى:
جاء تساؤل سيدنا زكريا عليه السلام متعجبًا
«أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر»،
ويأتى الرد أو الجواب أو الحجة:
قول الله تعالى:
«كذلك الله يفعل ما يشاء».

وعن طبيعة الحجة يقول:
هى حجة قولية منطقية، لافتا إلى أن إنجاز الحجة:
سكوت زكريا عليه السلام عن التعجب
وهذا يؤيده استعجاله للسرور والاستبشار فى قوله:
«قال رب اجعل لى آية»
[آل عمران: 41].

تأتى هذه الآية بعد قوله تعالى:
«هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لى
من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء.
فنادته الملائكة وهو قائم يصلى
فى المحراب أن الله يبشرك بيحيى
مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين»
( آل عمران: 38-39)،
فلما رأى زكريا ما أكرم الله به مريم
من رزقه بأن يرزقها فاكهة الصيف
فى الشتاء وفاكهة الشتاء فى الصيف،
على خلاف العادة والطبيعة، تنبه
إلى جواز ولادة العاقر، وتحركت
رغبته فى الإنجاب فتوجه إلى الله يسأله الذرية الصالحة،
فنادته الملائكة وأخبرته بأن الله يبشره
بأنه سيرزقك ولدًا اسمه يحيى ويكون
سيدًا فى قومه، وحصورًا، ونبيا من الصالحين،
عندئذ قال
«رب أنى يكون لى غلام»،
فرد الله عليه بقوله
» كذلك الله يفعل مايشاء».

والاستفهام فى قول زكريا عليه السلام للتعجب
والدهشة من الهيئة التى يأتى عليها الإنجاب،
وقدم حجتين يبرران سؤاله التعجبى
وهما بلوغه الكبر وعقر امرأته،
فالإنجاب على هذه الحالة شىء
مستبعد غريب خارق للعادة.
وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد
من الاستفهام الاستبعاد من حيث العادة،
وقد جاء رد الله تعالى
مسكتًا لتعجب زكريًا.